جازان /فاطمة عطيف
صدى نيوز إس
في عمق البادية، حيث تنمو الأحلام بين شظف العيش وصوت الريح، وُلدت حكاية مختلفة لامرأة آمنت أن النور لا يأتي إلا لمن يسعى نحوه.
قاطمة عطيف، ابنة البادية التي لم ترضَ أن تكون الحياة قدرًا جامدًا، بل حولتها إلى لوحة من كفاحٍ وإصرار، كتبتها بخطواتٍ ثابتة على رمال الصعاب.
لم يكن طريقها مفروشًا بالورود؛ فالتعليم جاءها متأخرًا كما تأتي الومضة بعد طول ظلام، ومع ذلك احتضنت القلم بكل الشغف، وتعلّمت في سنٍّ يرى فيه البعض أن الوقت قد فات، لكنها رأت أنها اللحظة الأنسب لتبدأ من جديد.
واجهت قاطم مسؤوليات الزواج، وأعباء الحمل، وصخب الأمومة، ولكنها لم تضعف. كانت توازن بين دفء البيت ودفء الحلم، وبين تربية الأبناء وتربية الطموح في روحها. ومع كل فجر جديد، كانت تفتح صفحة من صفحات العزيمة، لتكتب فيها فصلًا جديدًا من نجاحها المتدرّج خطوةً بخطوة.
واصلت تعليمها الثانوي، ثم تابعت مسيرتها الجامعية بإصرار منقطع النظير، لتخرج من بين جدران التحدي امرأة مثقفة، تؤمن بأن العقل لا يشيخ، وأن التعلم لا عمر له.
ثم دخلت عالم الإعلام، لتكون صوتًا صادقًا ينبض بالوعي والثقافة، وقلماً يحمل رسالة إنسانية وفكرية راقية.
عبر برامجها ومقالاتها ومشاركاتها، استطاعت أن تترك بصمتها الخاصة، فغدت مثالًا للمرأة القوية التي تتحدث بوعي، وتكتب بضمير، وتُسهم في بناء مجتمعٍ أكثر وعيًا وجمالًا.
ولم يتوقف عطاؤها عند حدود الإعلام، بل امتد إلى عالم المسرح، حيث كتبت نصوصًا مسرحية تتناول قضايا الإنسان، وتعالج الواقع بلغة الفن، وتعيد للخشبة رسالتها التربوية والثقافية.
كانت ترى في المسرح مرآةً للناس، وفي الكلمة نافذةً للضوء، وفي رسالتها الأدبية والإعلامية دربًا من النور نحو التغيير.
قاطمة عطيف ليست مجرد اسمٍ في سجل الأدب أو الإعلام، بل رمزٌ للمرأة السعودية الطموحة التي خرجت من رحم التحدي لتصنع مجدها بيدها، وتقول للعالم بصوتٍ واثق:
إن الإرادة حين تؤمن بذاتها، تُزهر حتى في صحراء البدايات
فقرة تكريمية
ولأن العطاء لا يُقاس بعدد الخطوات بل بعمق الأثر، فإننا حين نذكر قاطمة عطيف، نذكر امرأة صنعت من المستحيل طريقًا ممهدًا، ومن الصمت صوتًا يصدح بالإبداع.
هي ابنة البادية التي لم تنتظر التصفيق، بل زرعت بذور نجاحها بصبرٍ وسقتها بحبٍّ حتى أزهرت فكرًا ووعيًا وجمالًا.
نكرمها اليوم لا لأنها بلغت القمة فحسب، بل لأنها علمتنا أن القمم تُصنع بالإصرار، وأن الأنوثة حين تقترن بالإرادة، تولد منها قصص تبقى خالدة في الذاكرة.
فإليها تُهدى التحية…
تحيةَ تقديرٍ لامرأةٍ كتبت مجدها على صفحة الحياة، بالحرف، وبالصبر، وبالإيمان بأن الحلم وإن تأخر، لا يموت.







