بقلم / محمد أبوحريد
منذ الأمس القريب، عاشت أسرة التركي لحظات من الفرح العارم والاعتزاز الكبير، حين استقبلت أخاهم العزيز حميدان التركي بعد غياب دام عشرين عاماً عن الوطن. كان اللقاء ملؤه الشوق والدموع، وابتسامات الفرحة امتزجت بالاعتزاز بالعودة، وكان الأخ صالح التركي (أبو ليال) أول من استقبل أخاه في هذا الحدث الذي ملأ القلوب دفئاً وسعادة.
لكن كما يقول القدر، لا تدوم فرحة كاملة بلا اختبار، ولا يكتمل اللقاء إلا بما يكتنفه من دروس الحياة القاسية. واليوم، بعد هذه اللحظات التي عشناها مع الأسرة، تغيرت ألوان المشهد فجأة، وحلت مأساة الفقد محل الفرح، إذ تلقت الأسرة نبأ وفاة صالح التركي (أبو ليال) في لندن. صدمت الأسرة، وتحولت دموع الفرح إلى دموع حزن عميق، فقد رحل من كان سبباً في ابتساماتهم، ومن حمل روح الأخوة والمحبة طوال السنوات الماضية.
أيها الموت، لماذا تأتي فجأة لتأخذ منا الأحبة؟ لماذا تخطف من بين أيدينا من نحب؟ ليس اعتراضاً على حكم الله، ولكن ألم الفقد عميق، والروح تحتاج إلى سكينة لا تُستعاد إلا بذكريات من رحلوا. ولماذا أيها الفيروس، تأتي لتسرق اللحظات، وتترك خلفك فراغاً لا يملؤه شيء؟ أسئلة تتكرر في قلب كل إنسان يواجه صدمة الفقد، وألم يعتصر القلوب ويتركها عاجزة عن النطق، عن التعبير، عن فهم هذه الحقيقة المرة: أن الحياة قصيرة، وأن الأحبة قد يغادرون فجأة.
رحيل صالح التركي (أبو ليال) يترك فراغاً هائلاً في قلوب الأسرة وكل من عرفه، فقد كان مثالاً للوفاء، والأخلاق الرفيعة، والسيرة الطيبة التي لا تُنسى. كان حضوراً دافئاً، يلم شمل الأسرة ويزرع السعادة في قلوبهم، واليوم ترك رحيله صدى الحزن يعتصر القلوب، ويجعلنا نتأمل قيمة اللحظات التي نقضيها مع من نحب.
في هذا الوقت العصيب، تظل الذكرى الطيبة هي ما يخفف وطأة الفقد، والصبر هو العزاء الحقيقي، والوفاء لمن رحل هو أفضل ما يمكن تقديمه. وها نحن نقف أمام الحقيقة المرة بأن الحياة قصيرة، وأن الأحبة قد يغادروننا فجأة، تاركين قلوبنا حزينة وعيوننا دامعة، ولكن بالإيمان والرضا بحكم الله، نتمسك بالأمل بأنهم في مكان أفضل، بعيداً عن الألم، في رحمة الله ومغفرته.
وفي الختام، نتقدم بخالص التعازي والمواساة إلى أسرة الفقيد، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد صالح التركي (أبو ليال) بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.






