ا/محمد باجعفر
في تلك اللحظة الحرجة، لم يكن رجل الأمن السعودي /ريان بن سعيد بن يحيى آل أحمدمجرد موظف ينفّذ إجراءً روتينيًا، ولا شاهدًا عابرًا على حدث طارئ يمر به، بل كان أكثر من ذلك بكثير. كان قلبه يقظًا، وعقله حاضرًا، وروحه متنبهة لواجبها قبل أن تكون هناك أي أوامر أو قوانين. لقد أدرك أن خلف كل حادث إنساني هناك روحٌ تحتاج إلى الإنقاذ، ونفسٌ منحها الله كرامته، فلا يجوز أن تذهب هباءً أو تُهمل.
تقدّم بخطوات متروية، وعيناه ترصدان الموقف بحذر ووعي، ومدّ يد العون في الوقت المناسب، قبل أن تتحوّل اللحظة إلى مأساة. لم يكن يحركه شعور بالواجب وحده، بل شعور أعمق بالرحمة، وبالمسؤولية الأخلاقية تجاه كل حياة يلمسها. كل حركة، كل قرار، كان يعكس توازنًا دقيقًا بين قوة القانون وحس الإنسانية، بين الصرامة واللين، بين السلطة والرحمة.
في تلك اللحظة، أصبح رجل الأمن نموذجًا حيًا لما يعنيه أن يكون الإنسان مسؤولًا عن غيره، ليس بالقوة فحسب، ولا بالوظيفة، بل بالضمير الذي يقود كل تصرفاته. لقد أظهر أن الأمن الحقيقي ليس مجرد حراسة أو ضبط أو تطبيق للقوانين، بل هو حماية للأرواح، ورعاية للكرامة، وتقديم العون لمن يحتاجه قبل أن تتفاقم الكارثة.
كانت عيناه تحملان يقينًا عميقًا بأن أي لحظة يمكن أن تغيّر مصير إنسان، وأن الواجب ليس مجرد توقيع على أوراق أو تنفيذ تعليمات، بل هو فعل حي ينبع من القلب، وفعل رحمةٍ تتجاوز الصرامة، وفعل مسؤولية ترتقي بالروح الإنسانية فوق كل ما هو مادي أو شكلي.
حين يلتقي الضمير بالرحمة، وعندما تصبح الإنسانية هي معيار العمل، حينها فقط يتحوّل الواجب من مجرد إجراء روتيني إلى رسالة حياة، يظل صداها حاضرًا في كل لحظة، مؤكدًا أن الأمن الحقيقي ليس فقط ما يُكتب في القوانين، بل ما يُحفظ في القلوب، وما يُحترم في النفوس، وما يُقدّم على كل اعتبار آخر.







