ا/محمد باجعفر
كوكتيلٌ من الأصدقاء والصديقات
في زمنِ التواصلِ الاجتماعي،
زمنٍ أعاد تعريف القرب
حتى صار بلا ملامسة،
وبلا مسؤولية،
وبلا ثمن.
وجوهٌ كثيرة،
أسماءٌ لامعة،
أحاديثُ لا تنتهي،
لكن القليل فقط
يعرف كيف يكون حاضرًا
حين لا يكون هناك جمهور.
هنا تُصنع العلاقات بسرعة الضوء،
وتُستهلك أسرع منها.
صداقةٌ تُبنى على لحظة فراغ،
وتنهار عند أول انشغال،
وألفةٌ تولد من دردشة
ولا تصمد أمام صمتٍ حقيقي.
يختلط الاهتمام بالفضول،
والسؤال بالرقابة،
والقرب بالاستعراض.
الكلّ يطمئن عليك
ما دامت قصتك مرفوعة،
وما دام صوتك مسموعًا،
فإذا غبتَ…
غاب السؤال.
كثيرون يعرفون أخبارك،
قلّة تفهم وجعك،
وأقلّهم من يتحمّل ثِقَل صدقك
حين لا تكون بخير،
حين لا تصلح مادةً للضحك
ولا منشورًا قابلًا للمشاركة.
في هذا المجال الإلكتروني الخصب،
تنبت الكلمات بلا جذور،
وتزدهر المجاملات
أكثر من الصدق،
وتُكافأ الواجهات
وتُهمَل الأعماق.
نحن محاطون بالناس،
لكننا ننجو فرادى.
نتبادل التفاعل
ونفتقد الاحتواء،
نعدّ الأصدقاء
ونفتقد الصديق.
وحين ينطفئ الضوء،
وتُغلق التطبيقات،
وتسكت الإشعارات،
لا يبقى معك
إلا من كان حاضرًا
قبل الشاشة،
وبعدها،
ومن يعرفك بلا فلتر،
ويقبلك بلا اتصال.






