خضران الزهراني/الباحة
الكلمة هي سلاح ذو حدين، تمتلك قدرة عجيبة على بناء النفوس وتهدئة الأرواح، وفي الوقت نفسه قد تترك أثرًا عميقًا لا يُمحى إذا أُسيء استخدامها. الكلمة التي تُلقى دون قصد، مهما كانت قاسية أو جارحة، قد تجد طريقها إلى النسيان بمرور الوقت، لأن النية لم تكن موجهة لإيذاء الآخرين. ومع الاعتذار أو التوضيح، يصبح من الممكن التخفيف من أثرها، وربما تتحول مع الزمن إلى درس نتعلم منه كيفية التعبير بشكل أفضل.
أما الكلمة التي تُقال بقصد واضح للإيذاء، فهي تشبه السهم المسموم الذي يخترق القلب مباشرة، تاركًا فيه جرحًا عميقًا لا يلتئم بسهولة. هذه الكلمات تُحفر في الذاكرة كالنقش الذي يُترك على الحجر أو الحديد، يصعب محوه مهما حاولنا. فقد تظل تتردد في الأذهان وتؤلم القلب مدى الحياة، خاصة عندما تأتي من أشخاص نحبهم أو نثق بهم.
لذلك، علينا أن ندرك أن للكلمات ثقلًا كبيرًا وأثرًا لا يمكن التقليل منه. قبل أن نتحدث، يجب أن نفكر في وقع كلماتنا على الآخرين، لأننا لا نعلم ما الذي يختبئ في نفوسهم، ولا نعرف أي كلمة قد تكون كفيلة بجبر خواطرهم أو كسرها. استخدام الكلمة الطيبة هو اختيار يدل على نبل الأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين، بينما إساءة استخدامها قد يؤدي إلى هدم جسور الثقة والمحبة.
إن المسؤولية كبيرة، لأن ما نقوله يبقى؛ ربما ننسى نحن ما قلناه، ولكن من تأذى بكلماتنا لن ينسى. فلنحرص دائمًا على أن تكون كلماتنا سببًا في الخير، لا وسيلة لإلحاق الألم، لأن الكلمة الطيبة صدقة، وأثرها يمتد عميقًا في القلوب أكثر مما نتخيل.