الرئيسية مقالات تحديات الأمن الثقافي في ظل العولمة الرقمية؟

تحديات الأمن الثقافي في ظل العولمة الرقمية؟

38
0

 

✍🏻اللواء محمد فريح الحارثي

من القضايا الهامة التي أجد انه من المهم لوسائل الإعلام المحلية مناقشتها وابرازها على الساحة الثقافية هو قضية تحديات أمن الهوية الثقافية للمملكة العربية السعودية في عصر الانفتاح الرقمي بسبب تداخل الثقافات والحضارات العالمية الرقمية فالأمن الثقافي يعتبر أحد مقومات الأمن الشامل ولذلك ومن حس وطني وأمني اطرح هذا المقال لنتعرف فيه على تعريف الأمن الثقافي وماهي الهوية الثقافية وتحديات الحفاظ عليها في ظل العولمة الرقمية وكيف تؤثر هذه التحديات على أمن الهوية الثقافية وماهي الحلول المناسبة التي تسهم في الحفاظ على أمنها واستقرارها.

اولاً: ما هو مفهوم الأمن الثقافي؟

مفهوم الأمن الثقافي مفهوم واسع ولكن يمكن تعريفه بأنه مجموعة من الإجراءات والتدابير الوقائية لحماية وتحصين الهوية الثقافية من أي تحديات أو مهددات تؤثر على أمنها واستقرارها.

ثانيا: ما هي الهوية الثقافية؟

الهوية الثقافية هي منظومة من القيم والعادات التقاليد مثل اللغة والتراث التي تميز المجتمع السعودي حيث تشمل الهوية الثقافية تلك القيم والعادات الأصيلة مثل التمسك بالدين الإسلامي من وقيم الولاء والانتماء للوطن ورموزه واللباس الوطني التقليدي، الكرم، الفنون الشعبية كالعرضة النجدية، والموروث الاسلامي والتاريخي العميق الذ ي يعكس اصالة المملكة العريقة وتاريخها المجيد.

ثالثاً: تحديات ومهددات أمن الهوية الثقافية

في ظل الانفتاح الرقمي والثورة التكنولوجية، أصبحت الهوية الثقافية تواجه تحديات كبيرة قد تؤدي إلى اندثار أو فقدان أو تأثر بعض عناصرها، خاصة مع تعرض الأجيال المعاصرة لثقافات عصرية متنوعة ومتغيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وباقي وسائل الاعلام وخاصة ما يسمى بالإعلام الموجه الذي يستهدف المجتمع السعودي عامة والشباب خاصة ومنها.

1.الغزو الثقافي حيث يتم استهداف المجتمع السعودي من خلال الاغراء والتشويق بثقافات مختلفة ومتنوعة قد تتناقض مع القيم الدينية والمحلية، مما قد يؤدي إلى تقليد وتبني سلوكيات وأفكار غير متوافقة مع الهوية الثقافية الدينية والوطنية.

2.انتشار اللهجات العامية والمصطلحات الأجنبية (خاصة الإنجليزية) في المحتوى الرقمي يقلل من أهمية اللغة العربية كلغة هوية وتراث.

3. تراجع الاهتمام بالتراث المحلي من خلال اتجاه الشباب نحو الثقافات الأجنبية (مثل الأفلام، الألعاب، والموسيقى والقراءة) على حساب التراث السعودي مثل الفنون والقصص الشعبية والحرف اليدوية.

4.التأثير السلبي على منظومة القيم الاجتماعية التي تجسد النسيج الذي يحافظ على تماسك المجتمع واستقراره مثل قيم الولاء والانتماء والاحترام والتكافل والتعاون والتطوع والنصح والدعوة والإرشاد والبذل والعطاء والإثار والتسامح والتعايش وغيرها من القيم الدينية والوطنية.

رابعا كيف تؤثر هذه التحديات على أمن الهوية الثقافية؟

1.تشتت الانتماء الثقافي قد يشعر بعض الشباب بالانفصال عن تراثهم بسبب انغماسهم في الثقافات الوافدة.

2-ضعف التواصل بين الأجيال حيث أن اختلاف اهتمامات الشباب عن كبار السن قد يفقد جزءًا من نقل التراث شفهيًا وعمليًا.

3-التغيير في أنماط الحياة من خلال ترسيخ عادات دخيلة مستوردة التي قد تغير من طبيعة المجتمع السعودي المحافظ بالتدريج.

رابعاً الحلول المناسبة لحماية أمن الهوية الثقافية

1.تعزيز اعداد المحتوى الرقمي المحلي ونشره عالمياً .

2-تشجيع ودعم صناع المحتوى السعوديين الذين يبرزون التراث والقيم عبر منصاتهم وبرامجهم.

3.إدراج التراث الوطني في التعليم الرقمي من خلال تطوير مناهج إلكترونية تعرف الطلاب بتاريخ المملكة وعاداتها وتراثها بأسلوب جذاب.

4.تشجيع الفنون والآداب السعودية مثل إنتاج أفلام، مسلسلات، وأغاني تعكس الهوية الوطنية وتنافس المحتوى الأجنبي.

5. توظيف التكنولوجيا لحماية اللغة العربية من خلال إنشاء تطبيقات وبرامج تعليمية تحارب انتشار العامية والمصطلحات الدخيلة.

6.تعزيز الحوار الإعلامي حول الهوية الثقافية من خلال مناقشة أهمية التمسك بها مع مواكبة متغيرات العصر.

خاتمة

مواكبة متغيرات الانفتاح الرقمي لا يعني أن نتجاهل أو ننسى دورنا كمواطنين افرادا وجماعة أو مؤسسات مجتمع مدني في أن نحمي هويتنا الثقافية من أي تهديد يؤثر على استقرارها واستمرارها، بل علينا استخدام التقدم الرقمي كجسور أمنية لنشر الثقافة السعودية عالميًا.

وبالوعي والمبادرات الذكية يمكننا كمجتمع سعودي أن نواكب متغيرات العصر بما يحافظ على تراثنا وموروثنا الوطني.

إن الأمن الثقافي لحماية الهوية الثقافية مسؤولية جماعية تبدأ من الفرد وتمتد للمجتمع وتصل إلى مؤسسات المجتمع المدني ودام عز الوطن.