الإعلامي/ خضران الزهراني/ الباحة
مرةً أخرى، تؤكد المملكة العربية السعودية ريادتها العالمية في إدارة أعظم حشود بشرية سنوية، وذلك من خلال تنظيمٍ احترافي وإجراءات دقيقة لموسم الحج، تُرسي بها قواعد الأمن، وتُعلي من معاني السكينة والطمأنينة في قلوب الملايين من ضيوف الرحمن.
ولم يكن هذا النجاح وليد اللحظة، بل هو ثمرة تخطيط طويل الأمد، وتكامل مؤسسي بين الجهات المعنية، بدءًا من وزارة الحج والعمرة، ووزارة الداخلية، والهيئات الصحية والخدمية، ووصولًا إلى آخر متطوع يسهر على راحة الحاج.
نظام التصاريح.. مفتاح الانضباط وسر الانسيابية
اعتمدت المملكة منظومة تصاريح إلكترونية ذكية، تُمنح وفق معايير دقيقة تحفظ السلامة العامة، وتمنع الازدحام والفوضى، مما أسهم في التحكم الكامل بالأعداد، وتوزيع الخدمات بشكل عادل ومدروس، وفق الطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة.
وقد أثبت هذا النظام فعاليته بشكل واضح، حيث لوحظ هذا العام انسيابية الحركة داخل المشاعر، وتيسير التفويج بين المشاعر وفق جداول إلكترونية دقيقة، دون تسجيل حالات تكدس أو اختناق بشري، وهو ما أشادت به وسائل الإعلام العالمية.
تكامل القطاعات.. وإبداع في التفاصيل
تجلّت جهود القطاعات الأمنية والخدمية في أعلى درجات التنسيق، حيث عمل الأمن العام والدفاع المدني والهلال الأحمر السعودي على مدار الساعة، لضمان سلامة الحجاج واستجابتهم لأي طارئ، مدعومين بتقنيات المراقبة الذكية والذكاء الاصطناعي.
كما برزت الخدمات الصحية بقوة هذا الموسم، حيث تم تجهيز عشرات المراكز والمستشفيات الميدانية، مع وجود فرق طبية متنقلة، في سبيل تقديم الرعاية الصحية العاجلة لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.
جني الثمار.. رضا الحجاج وصورة مشرفة للوطن
ما لمسناه هذا العام من رضا واسع من الحجاج، وامتنانهم للخدمات المقدّمة، هو الدليل الأوضح على نجاح التنظيم. لقد تحوّلت التجربة إلى أنموذج عالمي يُحتذى به في إدارة الحشود، وجعل من الحج رحلة روحانية آمنة وميسّرة.
وتؤكد هذه التجربة أن ما تبذله السعودية من جهود في خدمة ضيوف الرحمن لا يقتصر على الأداء الخدمي فقط، بل هو واجب ديني وإنساني تُؤديه الدولة بكل فخر واقتدار.
خاتمة
هكذا، لا تكتفي المملكة بتنظيم الحج، بل تُبدع في تجويده عامًا بعد عام، واضعة أمام العالم نموذجًا مشرفًا في كيفية الجمع بين قدسية الشعيرة، وإتقان الإدارة، وكرم الضيافة.
وفي موسم 1446هـ، يمكن القول بثقة:
“هنا جنينا الثمار.. وهنا يُصنع التاريخ بخدمة الحجيج.”