في 25 نوفمبر من كل عام، يجتمع العالم على صرخة إنسانية تطالب بالعدالة والمساواة، مستندة إلى قيمة إنسانية سامية: القضاء على العنف ضد المرأة. هذه المناسبة، التي تمثل جرس إنذار للعالم، تعكس ما يعانيه الملايين من النساء من انتهاكات وصراعات. ومع ذلك، يظل الإسلام منارة هداية بتعاليمه التي كرّمت المرأة ورفعت مكانتها، ودولة الإمارات نموذجًا رائدًا في تطبيق قيم العدالة والمساواة.
تكريم الإسلام للمرأة: مرجع التشريعات والحقوق
الإسلام جعل من تكريم المرأة وحمايتها فريضة لا تقبل التهاون. قال الله تعالى: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ” (النساء: 19)، ليضع قاعدة راسخة تُلزم الرجال بمعاملة النساء بالحسنى والرفق. كما أكد النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”، وهو توجيه نبوي يجسد الرحمة والعدل في العلاقة بين الرجل والمرأة.
العنف: مخالفة صريحة لقيم الإسلام
لا يمكن تصور العنف ضد المرأة في مجتمع يستظل بتعاليم الإسلام. الضرب، الإهانة، والإهمال تُعد مخالفات واضحة لقواعد الشريعة، التي تنص على الرحمة والعدل. قال الله تعالى: “وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ” (البقرة: 228)، موضحًا أن الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء متساوية في إطار العدل.
دور الإمارات في تعزيز مكانة المرأة وحمايتها
على أرض دولة الإمارات، تتجلى روح الإسلام في قوانين ومبادرات تصون كرامة المرأة وتضمن حقوقها. القيادة الإماراتية حرصت منذ قيام الاتحاد على جعل تمكين المرأة هدفًا استراتيجيًا. قانون حماية المرأة والطفل (وديمة) و”الإستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة” يعكسان التزام الدولة بتعزيز بيئة آمنة ومستقرة للمرأة.
في إطار التوجيهات الإسلامية، تولي الإمارات اهتمامًا كبيرًا ببناء وعي مجتمعي ينبذ العنف ويعزز ثقافة الاحترام المتبادل. المبادرات الوطنية مثل “مركز إيواء” ومشاريع دعم النساء الناجيات من العنف تثبت أن الإمارات ليست فقط نموذجًا محليًا، بل منصة عالمية للريادة في هذا المجال.
شعار الإسلام والإمارات: الرحمة والمساواة
تحت شعار هذا العام: “الحرية حق للجميع”، نجد أن الإسلام سبق العالم في ترسيخ هذا المفهوم. حرية المرأة في اختيار مصيرها، التعبير عن رأيها، والعيش بكرامة كلها حقوق أصيلة أكدتها الشريعة الإسلامية وأصبحت واقعًا ملموسًا في الإمارات، حيث المرأة ليست مجرد شريك في التنمية، بل قائدة في شتى المجالات.
رسالة للأمة والعالم
إن القضاء على العنف ضد المرأة واجب شرعي ومسؤولية اجتماعية. الأسرة، التي هي اللبنة الأولى للمجتمع، يجب أن تكون الحصن الذي يربي أجيالًا تحترم المرأة وتحميها. قال الله تعالى: “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” (الحجرات: 13)، ليؤكد أن معيار التفاضل الوحيد هو التقوى، وليس النوع أو القوة.
وفي هذا اليوم، توجه الإمارات، بقيادتها الحكيمة، رسالة للعالم بأن المرأة هي شريكة بناء الأوطان، ودورها في التنمية والسلام لا يقل عن دور الرجل.
خاتمة: دعوة للتأمل والعمل
العنف ضد المرأة ليس مجرد قضية حقوقية، بل اختبار لمدى إنسانيتنا جميعًا. الإسلام، بما حمله من رحمة وعدل، والإمارات، بنموذجها الحضاري الملهم، يقدمان خريطة طريق لعالم أكثر عدالة وسلامًا. فلنكن نحن الجسر الذي يعبر بالنساء من الظلام إلى النور، ولنغرس في الأجيال القادمة قيم المساواة والرحمة.
دعونا نعمل جميعًا، بالقول والفعل، لتحقيق عالم يليق بالمرأة، يعكس تكريم الله لها، ويحتفي بإنجازاتها.
المستشار الدكتور خالد السلامي