حاوره من الجزائر _ كمال فليج
من ولاية أم البواقي، حيث تتقاطع الجبال مع الذاكرة وتهمس الريح بعبق التاريخ، يطل علينا صوت شعري يكتب بمداد القلب قبل الحبر. هو الشاعرالشاوي الحر محمد مخنن، أحد الوجوه الأدبية التي صنعت لنفسها مكانًا بهدوء الكلمة وصدق الإحساس. في قصيدته تلتقي الأصالة بالمعاصرة، ويتعانق الوطن بالإنسان، فتولد صور شعرية مفعمة بالصدق والدفء.
في هذا الحوار، نحاول أن نقترب من عالمه الإبداعي، أن نفهم رؤيته للشعر والحياة، وأن نكتشف أسرار تجربته التي تزاوج بين الحسّ الجمالي والتأمل الوجودي.
- كيف كانت البدايات الأولى مع الشعر؟ وهل تتذكر أول نص كتبته؟
الشاعر محمد مخنن : كانت تقريباً كباقي الشعراء،يكون شعور ثم إلهام ثم هواية ثم موهبة ثم عادة تُدمن عليها فلا تستطيع التوقف عنها ولكن في النهاية هي عادة جميلة، أما أول نص كتبته كان عبارة على نص غزلي فصيح، يا من أخذتِ عقلي وذهبتِ به بعيد وتركتِ قلبي مهموماً حزينً و وحيد، هو نص طويل نوع ما ولكن وبسبب أنه لم يؤثر في صاحبه أعدت كتابته بالعامية ويختلف نوع ما عن الفصيح فكان له تأثير عند قرائته لصاحبه وكانت نصوصي عبارة عن خواطر وسط رسائل الحب وكانت بعض رسائلي يقرأونها بعض الأصدقاء فيعجبون بما أكتبه فصارو يطالبونني بكتابة الرسائل بنفس الطريقة فصرت أبدع من نص إلى أخر ومن هنا بدأت حكايتي مع الشعر وبعدها إنخرطُ في المركز الثقافي بمدينتي ومنه إستمرت الهواية،،
- من الذي اكتشف موهبتك وشجعك على المضي في هذا الدرب؟
الشاعر محمد مخنن : في الحقيقة لا أحد إكتشفني وإنما إكتشفت نفسي بنفسي وأوصلت نفسي على ما أنا عليه بنفسي وتشجيعي كان من خلال إنضمامي الى النوادي وحضوري الدائم في جميع النشاطات الثقافية عامةً والأدبية خاصةً وبحتكاكي المتواصل بين مختلف الأشخاص وخاصة المبدعين والمثقفين ومحبي دعم المواهب تمكنت من المواصلة في هذا الدرب،،
- ما الذي يمثل لك الشعر؟ هل هو ملاذ، أم رسالة، أم أسلوب حياة؟
الشاعر محمد مخنن : الشعر بالنسبة لي يعني لي الكثير ك راحة النفسية ك صديق صادق ك شخص يُؤتمن له يحفظ الأسرار،،
- ما الموضوعات التي تجد نفسك فيها أكثر: الذات، الوطن، الحب، أم الإنسان؟
الشاعر محمد مخنن : بدرجة أولى كتبت كثيراً عن الحب ثم كتب في الهجاء أما باقي الواضيع أكتب قصيدة إثنان،ثلاثة لا أكثر ،،
- كيف تنظر إلى الشعر في زمن السرعة والتكنولوجيا؟ هل ما زال يحتفظ بمكانته؟
الشاعر محمد مخنن : الشعر دائماً موجود وحاضر ولن يزول وسيبقى الشعر حي مدام قلبُ الإنسان حي والتكنولوجيا لن تؤثر فيه ومكانته دائماً محفوظة وبل بالعكس أنا أراه زاد في قيمته لأن هناك تنافس بين الشعراء عامةً والجمعيات الثقافية و الأدبية خاصةً،،
- شاركت في عدة تظاهرات ثقافية وشعرية، ما أبرز محطاتك التي تركت أثراً فيك؟
الشاعر محمد مخنن : نعم شاركت في عدة تظاهرات ثقافية وشعرية ومن أبرزها ملتقى عربي بولايتي وملتقى عربي بولاية البليدة وملتقيات وطنية وبعضها من تنظيم الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي ومنها الملتقى الأول والثاني للشعر الأمازيغي بولاية تيزي وزو والأيام الأدبية بولاية خنشلة والأيام الأدبية بولاية الطارف و مشاركات بالجمهورية التونسية وغيرها من المحطات على مستوى الوطن وكل ماذكرته ترك أثرً جميلاً فيً لكن ربما ملتقى البليدة أكثرهم ولا تسألني لماذ لأني لا أعرف،،
- ما موقفك من النقد الأدبي؟ وكيف تتعامل مع الملاحظات التي تُوجَّه إلى نصوصك؟
الشاعر محمد مخنن : النقد إذاك كان بناء ويصلح الأخطاء للشاعر أكيد أقبله ويسعدني ويجعلني أبدع أكثر وأتقبله عادي سواء موجه لي أو لنصوصي، أما إذا كان النقد موجه لا لشيء مقنع فلا أبالي به ولن يحبطني،،
- هل تكتب تحت وطأة الإلهام وحده، أم أن الكتابة عندك فعل يومي منضبط؟
الشاعر محمد مخنن : أكيد أكتبه تحت وطأة الإلهام لأن الشعر شعور والشعور نابع من القلب لذلك لا أكتب إلا إذا أصابني جنون الكتابة وجنون الكتابة لا يأتي بشكل يومي،،
- إلى أي مدى ترى أن الشاعر مسؤول عن قضايا وطنه ومجتمعه؟
الشاعر محمد مخنن : أظن أن الشاعر قبل أن يكون شاعر هو مواطن ووطني وكل مايحدث في وطنه يهمه سواء يُسعد أو يُحزن فلذلك الوطن هو جزء منه وكل قضاياه تعنيه،،
- كيف تقيّم المشهد الشعري في الجزائر اليوم، خاصة لدى جيل الشباب؟
الشاعر محمد مخنن : بشكل عام هو بخير ولا خوف عليه مدام هناك من يدافع عن الشعر المنضبط رغم بعض العراقيل والسلبيات التي فيه لا داعِ لذكرها،،
- ما القصيدة الأقرب إلى قلبك، ولماذا؟
الشاعر محمد مخنن : ربما هي قصيدتان، واحدة بالأمازيغية بعنوان (سجباد أيافوكث،طلي يا الشمس) قريبة مني كثيراً لأنها واقعة وكُتبت في مكانها مباشرة، والقصيدة الثانية، الجزائر بيضاء،كتبتها في يوم عيد الإستقلال والشباب حين رأيت الجزائر كلها تحتفي بالمناسبة شعرت وكأني حاضراً يوم استقلال الجزائر،،
- من الشعراء الذين تركوا بصمة واضحة في تكوينك الأدبي؟
الشاعر محمد مخنن : في الحقيقة لا أحد معين وإنما هناك قصائد ألهمتني وأُعجبت بها لمختلف الشعراء وفي الحقيقة أيضاً كنت أستمع وما زلت أستمع إلى مشايخ الفن أمثال رابح درياسة وخليفي أحمد والبار عمر وعيسى الجرموني وغيرهم رحمه الله يوم كان الفن فن،،
- ماذا عن مشاريعك القادمة؟ هل هناك ديوان جديد في الأفق؟
الشاعر محمد مخنن : مشاريعي موجودة لكن غير واضحة أو لم يحن وقتها، أما عن الديوان ربما في المستقبل القريب إن شاءلله،،
- ما الرسالة التي تودّ توجيهها لقرّاء الشعر ومحبيه؟
الشاعر محمد مخنن : حاولوا أن قراءة الجيّد والمفيد وأن تطالعوا ما استطعتم دون تحديد إسم الكاتب… والسلام عليكم وشكرا لكم على هذا الحوار الذي أسعدني ووفقكم الله ودمتم متألقين في القمة
يبقى محمد مخنن من الأصوات الشعرية التي تؤمن بأن القصيدة ليست ترفًا لغويًا، بل فعل وجودٍ وجمالٍ يعيد للروح توازنها. يكتب كما يتنفس، فيغدو الشعر لديه سلوكًا إنسانيًا لا مهنة ولا ترفًا. وبين سطور كلماته تنبض أم البواقي بكل ما فيها من حنين وكرامة ودفء.
إنه شاعر يختار الصمت حين يضجّ العالم بالضجيج، ليجعل من قصيدته مرآة صافية تعكس نبض الإنسان في أصدق حالاته. هو الشاعر الشاوي الحر بكل ما يحمله الاسم من معنى …. كمال فليج .







