بقلم د. سعود بن صالح المصيبيح – الرياض
صحيفة صدى نيوز إس
كان المتحدث داخل كابينة الطائرة يعلن بصوته المبحوح المؤثر بشدة ( نحن الآن على مقربة من مطار القاهرة .. الرجاء ربط الاحزمة استعدادا للهبوط ) تبدأ الجلبة بين الركاب لتعجل اللقاء بتراب مصر وارض النيل والفراعنة واللقاء بقاهرة المعز لدين الله الفاطمي واللقاء بصلاح الدين وجوهر الصقلي وأحمد بن طولون والظاهر بيبرس واحمد عرابي وغيرهم من العظماء الذين تألقوا في هذا البلد المعطاء .
تبدأ في مقابلة الوجوه النيلية داخل أروقة المطار وأمامك أمران عندما تخرج منه .. أما التاكسي الليموزين المشهور عالميا أو سيارة الاجرة الخاصة الاخرى .
انت من فين
من السعودية
- أجدع ناس
ربنا يخليك
- وأنت من فين
من بولاق أبو العلا
أجدع ناس
ربنا يكرمك ويسترها معاك .. دا بس يا فندم من ذوقك.
- عايز يا بيه تسكن في شقة أو في أوتيل.
والله مش عارف .. بس ايه في رأيك الأنسب ؟
خذلك يا بيه شقة مفروشة أحسن ليك من دوشة اللوكاندات ومشاكلها .
بس بيقولوا الشقق المفروشة غالية بالنسبة للفنادق .
- آه هو دا صحيح !! بس يا بيه الشقة كبيرة وثلاث أوض وشغالة وكمان يا أفندم الغالي سعره فيه .
ينتهى من حوار البداية يقدم لى سيجارة كليوباترا .. الدخان المصرى الصنع المشهور هنا وأعتذر له لاني لا أدخن .
يواصل السائق انطلاقه بعد أن ينتهي من دوار المطار عابرا مصر الجديدة ثم العباسية ثم ميدان رمسيس ليصل عند كوبري ٦ أكتوبر العظيم الذي يمر بك من فوق النيل المجيد لتشتعل في
القلب آهات الذكرى والحنين حيث تأكد لى ما سبق وأن قيل بأن من يشرب من ماء النيل لابد أن يعود اليه مرة ثانية كما تجد هنا ما يتردد على لسان الزاجل الينبعادى الذي يعاتب النيل الذي يضحك بوجهه الهادر على صاحبنا الذي يعاني من لوعة الحب وحرمانه حينما يقول : ( ليه بس كدا .. يا بحر النيل انت بتضحك وانا دمعي يسيل )
هذا هو النيل … نيل الخير والبركة .. وهذا هو النيل …. نيل العطاء والعظمة .. . وهذه هي القاهرة بصمودها وكبريائها وزحامها الشديد والشديد جدا وها هي الوجوه تتزاحم وكل شيء في القاهرة جميل ورائع
السائق يعبر بك في المناطق الأثرية الجميلة والبنايات الطويلة فيزداد إعجابك بالقاهرة العظيمة كعظمة شعب مصر العظيم .
السيارة تقف عند سمسار للشقق المفروشة بعد أن أقنعني السائق بأن الشقة أنسب للسكن من الفندق رغم تكراره لعبارة ( دول بتوع الشقق المفروشة .. بيكسبو كثير .. اصله السياح بيكثروا في الصيف).
السمسار يأخذ يعدد مميزات الشقة التي يعرضها وكلما قاطعته بشيء قال لى ( ماشي ) وحينما دققت التركيز على كلمة ( ماشي ) وجدتها تكرر باستمرار من الجميع.
فكله بالساهل وربنا يكرم وتم الاتفاق بسعر غال لاني اشترطت وجود هاتف في الشقة .. فأنا هنا في رحلة عمل واحتاج الى الهاتف كثيراً.
تمت محاسبة البواب والشغالة كالعادة ولاحظت ارتفاع الاسعار عموما عن ذي قبل .
أما الهاتف فاستخدامه صعب جدا وتقاطع المكالمات وتداخلها وصعوبة انتظار الحرارة والحقيقة أقولها انني لم استخدم (الهاتف) مطلقا في الشقة بسبب تكرار تعطله فأنزل لا بحث عن هاتف وهذا يتم بصعوبة لعدم وجود هواتف عملة .
وأنت في الشقة سوف يتكون لديك أربعة أصدقاء يطرقون عليك الباب كل صباح على التوالى !!
بتاع الخبز الساعة السابعة صباحًا
والزبال الساعة السابعة والنصف صباحًا.
وبتااع اللبن الساعة الثامنة صباحًا.
وأخيرا بتاع الجرانيل والذي أعتبره أعز الأصدقاء وأقربهم إلى نفسي فأخذ شيئًا من اللبن وشيئًا من الخبز وبدأ في قراءة الصحف المصرية الرائدة حيث فكرة مصطفى أمين ويوميات أحمد بهاء الدين وصواريخ إبراهيم الورداني ودخاخين الحمامصى ومن ثقب الباب لكامل الزهيرى ،رغم ان عنوان هذه الزاوية لايتناسب مع مادتها الجيدة وغيرها من المقالات والمواضيع الصحفية الجيدة وان كنت أتألم من تلك الصفحات الاعلانية الضخمة سواء اخر صفحة او في صفحات التأبين والتعزية والموت ذلك انها تاخذ جزء كبير من المادة تؤثر على مستوى المطبوعة مما يجلب الضيق للقارئ وان كانت ذا مورد مالى جيد الا أنها لم تعجبني ويبدو أن لكل شيخ طريقته.
تطلب من السائق أن ينقلك في جولة داخل دور النشر الصحفية الكبيرة وبعض المكاتب مبتدئا بدار الهلال فالاهرام فالاخبار وذلك لرغبتي في اجراء بعض الاعمال الصحفية واقتناء بعض الكتب.
تتعمق داخل البلد ووسط الزحام شديد لتجد انك بحاجة الى ساعات يوميا لمشوار واحد فقط !!
** يا الله .. زحام شديد .. ساعتان حتى تصل الى مشوار واحد فقط !! قلت ذلك للسائق وهو يجاهد للمرور داخل زحام السيارات وزحام البشر ..
دى الجمهورية كلها يا فندم ( ٤٥ ) مليون نسمة وفي القاهرة ( ۹ ) مليون يزيدوا في النهار ثلاثة مليون وانت عارف دا عدد كبير قوى .






