حاوره : كمال فليج _ الجزائر
من مدينة الحاج المشري التابعة لولاية الأغواط جنوب العاصمة الجزائر ، تلك البوابة المشرعة على الصحراء، يخرج صوت شعريّ يحمل صدق الجنوب وعمق الانتماء. إنه الشاعر جمال جلالي، المكنّى بـ “نسر الصحراء”،
جعل من الكلمة جناحًا يطير به نحو فضاء الشعر، ومن القصيدة مرآةً تعكس نبض الإنسان ودفء المكان. في هذا الحوار، نقترب من عالمه، ونكتشف فلسفة شاعرٍ يرى في الحرف روحًا، وفي الشعر تحليقًا لا يعرف حدودًا.
- بدايةً، من هو جمال جلالي الإنسان قبل أن يكون “نسر الصحراء” الشاعر؟
الشاعر جمال جلالي : أنا من مواليد 1974/07/02 بالسهوب الغربية الجزائرية من عائلة محافظة اشتهرت بحفظ كتاب الله و تدريسه وكذا بالجود و الكرم و الفروسية و الشعر فصيح و ملحون . والدي رحمه الله كان شاعر متصوف و مجاهد عشت طفولتي في ولاية بشار و شبابي بولاية سعيدة و الآن أنا في مسقط راسي ببلدية الحاج مشري ولاية الاغواط عاشق لكل حرف راقي و جميل
- كيف كانت انطلاقتك الأولى في عالم الشعر؟ وهل تتذكر أول قصيدة كتبتها؟
الشاعر جمال جلالي : انطلاقتي في الشعر جاءت مؤخرة وهذا من منظوري لاني بدأت في كتابة الشعر بعد ان تجاوزت الاربعين سنة ( 2019 ) و هذا راجع لاني قبلها هاوي و محب للشعر ولم اتجرأ على الكتابة ٫ كانت مجرد خربشات واذكر سنة 2008 كتابة اول محاولة بعد وفاة ابنتي يوم ولادتها و منذ ذلك الحين اتجهت للبحث في الملحون و أسلوب كتابته وكذا قراءة قصائد الوالد التي كنت احفظ بعضها و داومت حضور مجالس الشعراء في بلدتي الطيبة و كذلك شعراء غيرهم عبر الاقراص المضغوطة و البرامج الاذاعية و عن سؤالك اول قصيدة كتبتها بالمعنى قصيدة هي ( سماح)
- ما الذي ألهمك لتختار الشعر طريقًا للتعبير عن ذاتك؟
الشاعر جمال جلالي : لاني وجدت فيه رسالة هادفة و سريعة الوصول للمجتمع لأنه يكتب بلغته العامية المفهومة
- إلى أي مدى أثّرت بيئة الحاج المشري في تكوين شخصيتك الشعرية؟
الشاعر جمال جلالي : بالعكس لم تؤثر كثيرا لانها مثل أي بيئة في ربوع الوطن الحبيب و كما قلت لك سابقا تشبعت بثلاث ثقافات ( الجنوب الغربي و الغرب الجزائري و السهوب بوابة الصحراء ) لذا تجدني انوع في نصوصي بما استعمله من كلمات شعبية خاصة بهاته المناطق و تبقى بلدية الحاج المشري هي المنطلق الاول .
- تُعرف بلقب “نسر الصحراء”؛ ما رمزية هذا اللقب بالنسبة لك؟
الشاعر جمال جلالي : لقب اعتز به كثير لأنه جاء من شيوخي الشعراء الذين افتخر بهم و اعتز بهم .
- هل تكتب الشعر الفصيح، الشعبي، أم تمزج بينهما؟ وما الأقرب إلى وجدانك؟
الشاعر جمال جلالي : لم اكتب الشعر العمودي ( الفصيح ) لكن كانت لي محاولات في مرحلة الشباب ٫ كنت اكتب الخاطرة في زمن مضى لكن وجدت نفسي كثيرا في الشعبي ( الملحون ) لذا لا امزج بينهما مطلقا
- ما هي الموضوعات التي تجد نفسك أكثر انتماءً إليها في قصائدك؟
الشاعر جمال جلالي : (الوطن، الحب، الهوية، الإنسان..) كتب في كل المواضيع لكن اجد نفسي أكثر في المواضيع الإجتماعية التى تحاكي يوميات المجتمع الجزائري و اميل بعدها لمواضيع الهوية و القضية الاولى فلسطين.
- كيف تصف علاقتك بالكلمة؟ هل تعتبرها سلاحًا، ملاذًا، أم مسؤولية؟
الشاعر جمال جلالي : علاقتي بالكلمة فيما ذكرت يعني كلاهما اعتبرها سلاحا في بعض المواضيع و اجدها مسؤولية لا بد منها في مواضيع اخرى القلم سلاح و مسؤولية
- ما الأسلوب أو المدرسة الشعرية التي ترى نفسك أقرب إليها؟
الشاعر جمال جلالي : و الله سؤال صعب قليلا ههههه لاني لا أأمن بالمدرسة الشعرية في الملحون فكل منطقة تتميز بأسلوب خاص لذا لو تلاحظ في بعض القصائد اني انوع تجدني مرة بمدرسة الغرب الجزائري مرة مدرسة الغرب مرة الشرق و حتى الحداثة او التجديد حاولت الكتابة فيها ٫ الشعر الشعبي موهبة وعليك سقل هذه الموهبة.
- كيف تعكس أشعارك ملامح الجنوب الجزائري وثقافته؟
الشاعر جمال جلالي : أحاول من خلال ما اكتب ان ارسم لوحة فنية للمناطق الداخلية للتعريف بها وطنيا و عربيا من خلال ذكر عاداتها و تقاليدها بأسلوب سهل و بسيط يصل معناه الى أي متلقى حيثما كان في الجزائر القارة و العالم العربي .
- في رأيك هل ما زال الشعر يحتفظ بمكانته في المجتمع الجزائري اليوم؟
الشاعر جمال جلالي : بكل تأكيد فهو السبيل الوحيد لي التعبير عن الوجدان و هو الطريق السهل لإيصال ما تريد إلى المجتمع بلغته العامية و الدليل كما تعلم يوجد شعراء شباب و يعدون من فحول الشعراء وكذا المهرجانات الوطنية التي تقام هنا وهناك و تجد حضور شعبي كبير
- ما الذي يميز شعراء المناطق الصحراوية والهضابية عن غيرهم في نظرتهم للحياة والإنسان؟
الشاعر جمال جلالي : لا يوجد هناك تمييز في نظرتهم للحياة و الإنسان في الناحية الاجتماعية اما فيما يخص تميزهم في الشعر فهناك فرق فشعراء المناطق الصحراوية و السهبية يتميزون بقوة الكلمة و المعنى في القصيدة و هذا باستعمالهم لمفردات عتيقة كادت ان تزول من المجتمع الجزائري
- حدثنا عن أهم المحطات في مسيرتك الشعرية والمشاركات التي تركت فيك أثراً خاصاً؟
الشاعر جمال جلالي : هناك مثل شعبي جزائري يقول ( دين الناس عدو ولا ردو) المحطات كثيرة و كثيرة و هذا بفضل الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي بكل اعضاءها
اول محطة اذكرها كانت بالجزائر العاصمة بمقر اتحاد الكتاب الجزائريين بدعوة من رئيس الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي الشاعر الزجال توفيق ومان و هذا من أجل تجديد المكتب الوطني وإحياء يوم فلسطين ومنها توالت المشاركات مع الجمعية او غيرها عبر محطات وطنية و مسابقات ادبية و يبقى الملتقى العربي السابع للأدب الشعبي بالعاصمة الجزائر من تنظيم الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي له خصوصية و مكانة كبيرة .
- هل صدر لك ديوان أو عمل شعري منشور وإن لم يصدر بعد، هل تفكر في ذلك قريبًا؟
الشاعر جمال جلالي : صدر لي مؤخرا ديوان بعنوان ( صيد الخاطر في شعر اولاد سيد الناصر) عن دار الاخلاص و الصواب للطباعة و النشر والذي صمم غلافه الأخ الغالي كمال فليج
و انا بصدد تحضير ديوان ثاني سيكون جاهز بإذن الله مع مطلع سنة 2026 و الذي عنونته بـ ( سنابل السهوب و همس القلوب ) و اكيد تصميم الغلاف لنفس المصمم الذي اثق فيه كثيرا و اعرف قدراته.
- ما رأيك في الشعراء الشباب اليوم؟ وهل تتابع تجاربهم؟
الشاعر جمال جلالي : نعم اتابع اغلبهم ولي تواصل معهم فبعضهم كما قلت يعدون من الفحول وهم قلة و البقية هم في الطريق الصحيح لكن لابد من توجيههم من طرف الشعراء الكبار و الأخذ بيدهم حتى نحافظ على هذا الموروث الثقافي الغني
- ما هي رسالتك من خلال الشعر؟
الشاعر جمال جلالي : التسامح المحبة الاخلاص للدين و الوطن
- كيف ترى مستقبل الشعر في زمن السرعة والتكنولوجيا؟
الشاعر جمال جلالي : كأي ثقافة لا بد من مواكبة التطور و كما تعلم أخي كمال . في زمن مضى كنا من أجل أن تحصل على قصيدة بشق الانفس لكن الان ما عليك إلا كتابة اسم الشاعر او عنوان القصيدة و ستجدها بين يديك فالتكنولوجيا ساعدتنا كثيرا لذا لا خوف عليه .
- وأخيرا لو طُلب منك أن تختصر رحلتك الشعرية في بيت واحد ماذا تقول؟
الشاعر جمال جلالي : قبلها اشكرك اخي كمال على هذا الحوار الماتع ومن خلاله احييك واحيي كل طاقم صحيفة صدى نيوز اس السعودية التي اتاحت لنا هذا الفضاء تقديري و احترامي للجميع و اتركها ابيات وأكون لك شاكرا
اقول
بكري زين الناس مذكور بلفعال وبكري سِيـد الناس سَيّدْ بخصالو
بكري شين الناس ما يجالس عُقال وبكري شيـن الناس لا من يصغالو
ماتعلاش العين عالحاجب محال و البَنْــيِّ بــلا ســاس حيطانــو مالو
خاطــر يــاك يميـل للڨلب ليا مال و اذا مـــال الڨلـــب لا حـــد يسالو
شكرا لكم مرة ثانية لكم مني اسمى عبارات الشكر و التقدير و الاحترام.
- في ختام هذا التحليق مع الشاعر جمال جلالي، نكتشف أن الشعر عنده ليس ترفًا لغويًا، بل نبض حياةٍ يختلط برمل الصحراء وضياء الروح. هو شاعر يسكنه الإحساس بالانتماء، ويكتب بوحي الأرض والإنسان، فيجعل من الكلمة نسرًا يعلو فوق حدود المكان والزمان.
من الحاج المشري، يواصل جمال جلالي تحليقه بشعره، مؤمنًا أن القصيدة الحقيقية لا تُكتب بالحبر، بل تُحفر في الذاكرة كأثر نسرٍ في سماء الإبداع.









