الرئيسية محلية سوق السبت التاريخي.. ذاكرةٌ تنبض بالحياة وعبقٌ لا يشيخ مع الزمن

سوق السبت التاريخي.. ذاكرةٌ تنبض بالحياة وعبقٌ لا يشيخ مع الزمن

134
0

 

✍️ بقلم الإعلامي خضران الزهراني/ الباحة/ بلجرشي

حين تخطو نحو سوق السبت التاريخي بمحافظة بلجرشي، تشعر وكأنك تعبر بوابة الزمن، لتجد نفسك بين أروقةٍ تنبض بالحكايات ووجوهٍ تحتفظ بملامح الماضي الجميل، حيث تختلط رائحة الأعشاب العطرية بعبق القهوة العربية، وتتعانق أصوات الباعة بنداءاتٍ دافئة تُعيد إلى الأذهان دفء الأسواق القديمة وروح الألفة بين الناس.

إنه سوق ليس كسائر الأسواق، بل لوحة نابضة بالحياة، ترسمها أنامل الزمن على مرّ العقود، لتروي للأجيال قصة تراثٍ لا يُمحى وذاكرةٍ لا تشيخ. ففي كل زاوية من زواياه حكاية، وفي كل بسمةٍ من وجوه رواده قصيدة عشقٍ للأرض والإنسان.

منذ فجر التاريخ، كان هذا السوق ملتقى القلوب والتجار والحكايات، يجتمع فيه أبناء القرى والهجر يتبادلون خيراتهم ومنتجاتهم المحلية من المشغولات اليدوية والأدوات التراثية والأقمشة التقليدية، في مشهد يفيض بالأصالة والكرم والروح الجنوبية البهيّة.

ولا تزال الأيدي التي تصوغ الحُلي، وتنسج الأقمشة، وتغزل الصوف، تحكي بإبداعها قصة المرأة الريفية القوية التي حفظت التراث ونقلته بأمانةٍ عبر الأجيال.

وأنت تتجول بين أركان السوق، تتوقف عند كل ركنٍ كأنك تقرأ صفحةً من تاريخٍ طويل، بين دكاكينٍ صغيرةٍ تفوح منها رائحة الزمن القديم، ووجوهٍ ما زالت تحمل سُحنة الأجداد وبساطتهم. تسمع ضحكات الأطفال، وأحاديث الكبار، وصوت الحرفي ينادي على بضاعته بصوتٍ ملؤه الحنين.

هنا الزمان يتوقف ليمنحك لحظة تأملٍ نادرة، فكل حجرٍ في هذا السوق، وكل عريشٍ من خشب، يروي حكاية كفاح، وقصة حبٍ بين الإنسان والمكان. إنه ليس مجرد سوقٍ أسبوعي، بل متحفٌ مفتوح على الهواء الطلق، تختلط فيه الأصالة بالعراقة، والعطر بالحكاية، ليبقى شاهدًا خالدًا على هوية منطقة الباحة وتراثها العظيم.

وفي ختام جولتك، لا يسعك إلا أن تقول:

هنيئًا لبلجرشي بهذا الإرث العريق، وهنيئًا للباحة بهذا القلب النابض الذي يجمع بين الجمال والتاريخ والإنسان في مشهدٍ لا يُنسى.

✨ سوق السبت التاريخي.. حيث تتحدث الحجارة، وتبتسم الذاكرة، وتبقى الروح عاشقةً للزمن الجميل.