د. منصور نظام الدين: جدة:-
أكد طبيب الروماتيزم وهشاشة العظام الدكتور ضياء حسين، أن التطور الكبير في التقنيات المخبرية أسهم في تحسين دقة التشخيص، إلا أن بعض الأطباء أصبحوا يعتمدون على نتائج التحاليل بشكل مفرط دون التقييم السريري المتكامل لحالة المريض، وهو ما قد يؤدي إلى أخطاء في التشخيص والعلاج ، مبينا أن من الحالات التي يواجهها في عيادته أن هناك مرضى تم تشخيصهم بمرض “الروماتويد” بناءا على إيجابية تحليل عامل الروماتويد RF أو مرض الذئبة الحمراء بناء على إيجابية تحليل الأجسام المضادة ANA فقط، دون وجود أعراض سريرية تدعم هذا التشخيص، ويتم إيقاف الأدوية عن بعضهم بعد التأكد من خلوهم من أي علامات للمرض، خاصة وأن تحاليل الالتهاب مثل سرعة الترسيب (ESR) والبروتين التفاعلي (CRP) كانت طبيعية تمامًا.
وأشار أن تحليل عامل الروماتويد قد يكون إيجابيًا لدى نحو 5 إلى 10% من كبار السن الأصحاء، كما قد يظهر إيجابيًا في أمراض أخرى مثل بعض الالتهابات الفيروسية أو الأمراض الروماتيزمية غير الروماتويدية ، كما أن سلبية تحليل الروماتويد او الأجسام المضادة لا تعني بالضرورة غياب المرض، إذ إن ما بين 25 إلى 40% من مرضى الروماتويد لديهم أعراض واضحة كتورم المفاصل وآلامها والتيبس الصباحي، رغم أن نتائج التحاليل لديهم سلبية، أما بالنسبة للأجسام المضادة ANA فهي إيجابية في عدة أمراض مناعية أخرى غير الذئبة الحمراء وفي (5-15)% من الأشخاص الطبيعيين والذين لا يعانون من أي أعراض لذلك تم إجراء لهؤلاء المرضى (الذين تم تشخيصهم بالذئبة بناءا على إيجابية هذا التحليل وتم اعطاؤهم الأدوية) بعض التحاليل الأخرى مثل مضاد الشريط المزدوج Anti-dsDNA فوجد أنها سلبية أي أن التشخيص كان خاطئا ، مستشهدا بحالات بكاء الفرح من عدة فتيات بعد أن اكتشفن بأنهن غير مصابات بالذئبة وأوقفها الأدوية تدريجيا، فاستجابتهم للعلاج بعد التشخيص السريري تكون جيدة جدًا .
وأضاف أن الطب الحديث يقوم على منهج التشخيص المتكامل، الذي يجمع بين الفحوص المخبرية والفحوص الشعاعية والفحص الإكلينيكي، بحيث تكمل كل أداة الأخرى للوصول إلى التشخيص الدقيق، مشددًا على أن التحليل وحده لا يمكن أن يعكس الصورة الكاملة للمرض ، فالتحليل المخبري أداة مساعدة وليس دليلا قاطعا للتشخيص، داعيا الأطباء إلى عدم الركون الكامل إلى الأرقام المخبرية وإهمال الفحص الإكلينيكي .
وأختتم د.ضياء تصريحه بالتأكيد على أن الطب في جوهره يعالج الإنسان وليس ورقة التحليل، وأن الحكمة الطبية تقتضي الجمع بين العلم والتحليل والفهم الإكلينيكي لحالة المريض ، فالطب رسالة إنسانية قبل أن يكون علما دقيقا، وأن الطبيب الناجح هو من يجمع بين العلم والخبرة والإنصات للمريض، لأن الفهم الصحيح للحالة هو أول خطوات العلاج الناجح.






