عـــــــــادل بكري _ جازان
هناك لحظات في الحياة لا تُقاس بالساعات أو الأيام، بل بما يتركه حضور شخص في القلب. لحظات نقف فيها بين الضوء والظل، بين الترقب والمفاجأة، بين ما نريد قوله وما نخاف أن نعترف به.
وأجمل هذه اللحظات، وربما الأكثر هشاشة، هي لحظة اللقاء…أو بالأدق: حافة اللقاء.
القلب لا يلتقي فجأة؛ بل يتقرب تدريجيًا، مثل ظل خفيف يسبق الضوء. هناك ارتباك خفي، ابتسامة حائرة، وخفقة سريعة في الصدر يشعر بها الإنسان قبل أن يلتقي الآخر بعينه
على هذه الحافة، تصبح التفاصيل أكثر وضوحًا، بينما يزداد الغموض في الوقت نفسه. العينان تتحدثان بلا كلمات، وخطوة واحدة تكشف ما حاول القلب إخفاءه طويلاً. المشاعر تظهر دفعة واحدة، كأنها تنتقم من كل صمت الماضي.
في تلك المسافة الصغيرة بين الاقتراب والوصول، يحدث شيء غامض. الماضي يبدو وكأنه طريق ضبابي قادنا إلى هذه اللحظة، والمستقبل، مهما كان، سيمر من هنا. القلب يصبح معلّقًا بين الاحتمالات، مرتقبًا ما سيأتي.
ظلال اللقاء ليست مجرد تفاصيل هي الملامح الأولى للحقيقة. الحب لا يظهر مكتملًا يأتي أولًا كظل يلمس الروح قبل أن تلمس اليد الأخرى. إحساس بحدود المشاعر قبل أن تنطق الكلمات.
وعندما يقترب اللقاء أخيرًا، ويختفي الظل لحظة واحدة ليظهر الضوء الحقيقي، يدرك الإنسان أن ما تغير ليس العالم، بل هو نفسه. القلب يجد نبضًا جديدًا، ينبض بما يشبهه، ويعرف مكانه.
إنها ظلال على حافة اللقاء: لحظة لا تُنسى، لأنها ليست اللقاء نفسه، بل الوعد به. وليست بالحب ذاته، بل بداية الحكاية.
وكل حكاية عظيمة تبدأ بظل خفيف…
ثم بضوء لا يشبه سواه ضوء يفتح أبواب القلب
ويجعل الروح تعرف أنها على موعد مع الحياة.






