الرئيسية مقالات رفع إنفاق الأسر على الثقافة والترفيه في المملكة ضمن مستهدفات رؤية 2030

رفع إنفاق الأسر على الثقافة والترفيه في المملكة ضمن مستهدفات رؤية 2030

58
0

 

الأمير. د. ماجد بن ثامر آل سعود

تسعى رؤية المملكة العربية السعودية 2030 إلىإحداث تحوّل شامل في المجتمع والاقتصاد، ومنأهم محاورها تعزيز جودة الحياة عبر دعم الثقافةوالترفيه بوصفهما رافدين أساسيين لرفاه الأفرادوتنمية الاقتصاد الوطني. ومن بين الأهداف المعلنةللرؤية رفع إنفاق الأسر على الثقافة والترفيه داخلالمملكة من 2.9% إلى 6%، وهو هدف يعكس إدراكالدولة لأهمية تنويع الأنشطة الترفيهية والثقافية،وتوسيع خيارات المواطنين والمقيمين، بما يتوافق معاحتياجات المجتمع وتحولات العصر. ولتحقيق هذاالهدف، بذلت المملكة جهودًا واسعة عبر تطوير البنيةالتحتية، واستقطاب الفعاليات العالمية، وتمكينالقطاع الخاص من الاستثمار في هذا المجال، إلىجانب تنظيم القطاع بما يضمن الابتكار، والجودة،والاستدامة.

ومن خلال متابعة مسار التقدم في هذا الهدف،يظهر أن المملكة حققت خطوات ملموسة منذ إطلاقالرؤية، فقد ازداد تنوع الفعاليات الثقافية والترفيهية،وبرزت مواسم السعودية التي أصبحت وجهة رئيسةللزوار من داخل المملكة وخارجها، كما تم تأسيسالهيئات المختصة مثل هيئة الترفيه وهيئة الأدبوالنشر والترجمة وهيئة الموسيقى وغيرها، مما أسهمفي تنظيم القطاع وإطلاق مبادرات تسهم في رفعالطلب على الأنشطة الثقافية والترفيهية. إضافة إلىذلك، توسعت البنية التحتية للقطاع من خلال إنشاءالمسارح والمتاحف ودور السينما والوجهات الترفيهيةالكبرى، وهو ما انعكس بشكل مباشر على زيادةإنفاق الأسر، واقترابه تدريجيًا من النسبة المستهدفة.

ومن وجهة نظري، فإن هذا التحول لم يكن مجردتوسع في الفعاليات أو الأنشطة، بل هو انتقال فيثقافة المجتمع تجاه تقدير التجارب الثقافية والترفيهيةكجزء أساسي من جودة الحياة. لقد ساعدت هذهالجهود على تعزيز مشاركة الأسر في الأنشطةالهادفة، وإيجاد بيئة أكثر انفتاحًا وثراءً ثقافيًا، ممايسهم بدوره في بناء مجتمع حيوي ومتنوع. كما أرىأن توفير بدائل محلية عالية الجودة قلل من سفرالمواطنين للترفيه خارج البلاد، وخلق قيمة اقتصاديةمضافة داخل المملكة عبر تحريك قطاعات متعددةمثل السياحة والضيافة والنقل.

وأعتقد أن إحدى أهم ثمار هذا الهدف هي تعزيزالانتماء الوطني والانفتاح الثقافي، إذ باتتالفعاليات تستقطب فنانين ومبدعين عالميين، ممايخلق فرصًا للتفاعل الثقافي ويعزز مكانة المملكةعالميًا. كما ساهم هذا التوسع في خلق فرص عملجديدة للشباب في مجالات تنظيم الفعاليات،والإنتاج الفني، وإدارة الوجهات الترفيهية، وهو مايتوافق مع طموحات الرؤية في تنويع الاقتصاد.

وترجع سرعة التقدم في هذا الهدف إلى الدورالحيوي الذي قامت به الوزارات والهيئات المرتبطة به،حيث عملت وزارة الثقافة على إطلاق مبادرات نوعيةلتطوير الصناعات الإبداعية، بينما تولت وزارةالسياحة دعم الوجهات الترفيهية وربطها ببنيةسياحية متكاملة. أما وزارة الشؤون البلدية والقرويةوالإسكان فأسهمت في تخصيص الأراضي وتطويرالمرافق العامة التي تستوعب الأنشطة الترفيهية، فيحين وفرت وزارة الإعلام الدعم التنظيمي والإعلاميلتسويق الفعاليات وتعزيز حضورها. وقد تكاملت هذهالجهود لتشكيل منظومة موحدة تعمل باتجاه هدفواحد، مما عزز وتيرة الإنجاز.

ختامًا، يظهر أن رفع إنفاق الأسر على الثقافةوالترفيه ليس هدفًا ثانويًا، بل جزء محوري من بناءمجتمع حيوي يقدّر الفن والمعرفة ويستثمر فيطاقات أفراده. وقد أثبتت المملكة أن هذا الهدفقابل للتحقيق من خلال التخطيط الواضح، والدعمالمؤسسي، وتمكين القطاع الخاص. ومع استمرارالجهود، ستتمكن المملكة من الوصول إلى النسبةالمستهدفة وتحقيق مردود اجتماعي واقتصادي يعززمسيرة التنمية الشاملة لرؤية 2030.