الرئيسية مقالات الدكتوراه الفخرية … وغياب الثقافة

الدكتوراه الفخرية … وغياب الثقافة

91
0

 

أحمد صالح حلبي

لم يعد غريبا أن نسمع أو نقرأ عن حصول فلان على درجة الدكتوراه في علم النفس وهو لا يعرف الفرق بين مجالات علم النفس الأساسية ، ومجالات علم النفس التطبيقية ، فحرف الدال الذي يسبق اسم صاحبه أصبح موضة جديدة في مجتمعنا ، كمسمى إعلامي ، ومستشار إعلامي اللتان أصبحتا منتشرة بالوسط الاجتماعي حتى أننا لا نعرف من هو الموظف والمهندس والطبيب إن كان كل هذا الكم من الأفراد أصبحوا إعلاميين .

وفي مقال له بصحيفة المدينة بعنوان الدكتوراة الفخرية يقول الدكتور صبحي الحداد ” لقد شوَّه البعضُ صورةَ (الدكتوراةِ الفخريَّةِ) بكلِّ أسفٍ، وأفقدُوهَا قيمتَهَا ومكانتَهَا، مِن خلالِ تصرُّفاتِهِم الرَّعناءِ الهَوْجاءِ، فليسَ المانحُونَ مؤهَّلِينَ للمنحِ؛ لأنَّهم ليسُوا جامعاتٍ رسميَّةً معترفًا بهَا، ولَا الممنوح أهلٌ للمنحِ؛ لأنَّه لمْ يقدِّم شيئًا لمجتمعِهِ أو حتَّى لنفسِهِ.. وكلُّ همِّهِ أنْ يحملَ (لقبًا) يتباهَى بِهِ أمامَ الآخرِينَ.. ولَا يهمُّهُ أنْ دفعَ بعضَ المالِ لشراءِ هذهِ الورقةِ المزخرفةِ بحروفٍ وأختامٍ وهميَّةٍ ملوَّنةٍ، أو جاءتهُ هذهِ الورقةُ، من خلالِ علاقاتٍ أو مقابلَ خدماتٍ.

باتتِ الدكتوراةُ الفخريَّةُ سلعةً رخيصةً سهلةً، يوزِّعُهَا كلُّ مَن هَبَّ وَدَبَّ، لكلِّ مَن هَبَّ وَدَبَّ.. ويتبادلُهَا ويتقاذفُهَا هذَا وذاكَ دونَ مراعاةٍ لهذهِ التَّسميةِ المهمَّةِ ودونَ النَّظرِ لشروطِ المانحِ والممنوحِ، وباتتْ مؤسَّساتُ الوَهَمِ ودكاكينُ التَّكسُّبِ توزِّعُ هذهِ الشِّهاداتِ الورقيَّةَ وتقتاتُ منهَا.

إنَّ الدكتوراةَ الفخريَّةَ أوَّلًا ليستْ درجةً علميَّةً، وثانيًا لَا يحقُّ منحهَا إلَّا مِن قِبلِ جامعةٍ رسميَّةٍ معترفٍ بِهَا، وثالثةُ الأثافِي أنَّه لَا يحقُّ للممنوحِ أنْ يتلقَّبَ بلقبِ أو بمسمَّى (دكتور) تحتَ أيِّ ظرفٍ مِن الظُّروفِ ” .

والمشكلة ليست فيما أشار إليه الدكتور صبحي ، بل في البعض من افراد المجتمع الذين ينادوا هؤلاء الأقزام بالدكتور ، فدرجة الدكتوراه تمثل ” أعلى درجة أكاديمية تمنحها الجامعات بعد الماجستير، وتتطلب بحثاً أصيلاً ومبتكراً يُتوج بكتابة أطروحة أو رسالة علمية عميقة ومناقشة علنية لها ” .

والمؤلم وليس المؤسف أن من يدعون حصلوهم على درجة الدكتوراة ويطالبون المجتمع بمناداتهم بدكتور لا يعرفون الفرق بين ” إن ” و ” أن ” في الاستعمال لكنهم يعرفونه في الشكل !

كما يجهلون أسس ومعايير الحوار والنقاش العملي ، ويعتقدون أن الرئيس يمثل أعلى سلطة داخل المنشأة ، وإن أقواله تعتبر أوامر يجب تنفيذها ، ويجهلون أن هذا الرئيس إن تحدثت معه لوجدته متقبلا لرايك ومؤيدا لطرحك !

فهل يستحق هؤلاء درجة الدكتوراة ؟

إن المؤهل العلمي الصحيح يثبت أن الشخص قد اجتاز المراحل التعليمية سواء بالتعليم العام أو الجامعي ، ويثبت أنه اصبح مؤهلا للمشاركة العملية ، فالشهادة كما يقول نجيب محفوظ ” ورقة تثبت أنك متعلم لكنها لا تثبت أبدًا أنك تفهم ”

فهل فهم أصبح الدكتوراة المزورة هذه الحقيقة ؟

ashalabi1380 – ahmad.s.a@hotmail.com @