ا/محمد باجعفر
جازان /صدى نيوز إس
أحيانًا ينتابنا شعور غريب ، كأننا ضيوف عابرون في زمن لا يشبهنا ،
وكأن أرواحنا وُلدت في وقت آخر أكثر هدوءًا أو أكثر صدقًا..
ننظر حولنا فنجد أنفسنا غرباء وسط ضجيج السرعة وسط لهاث التقنية والمظاهر ،
كأن قلوبنا تبحث عن دفء الحكايات القديمة وعن وجوه لم تعد موجودة..
نشتاق لزمن لم نعشه لكننا نشعر بأنه الأقرب إلى أرواحنا إلى ذلك العمق الذي لا يراه أحد..
نقرأ الكتب القديمة ، ونسمع الأغاني العتيقة ، فتهدأ أرواحنا وكأنها وجدت وطنها المؤقت..
هل هو الحنين لما لم نعرفه …؟
أم أنها الروح تهرب من سطحية الحاضر إلى عمق ما تتخيله…..؟
في كل مرة نحدق فيها في الغروب نشعر أننا ننتظر شيئًا لا يأتي ، زمنًا لا يعود ،
وربما هذا ما يجعلنا أكثر إحساسًا ، وأكثر تعلقًا بما لا يُرى..
ذاك الشعور ليس غريبًا…
إنه صدى أرواح تتضايق من صخب الحاضر، وتحنُّ لزمن لم تمرّ به لكنها تعرفه بالفطرة، كأن الذاكرة الروحية أقدم من أعمارنا بكثير.
نحن لا نبحث عن الماضي بقدر ما نهرب من هشاشة الآن…
من العجلة التي تسرق المعاني، من العلاقات الخفيفة، من الوجوه التي تشبه الفراغ، من الأيام التي تمضي بلا عمق ولا أثر.
الحنين الذي يسكنك هو محاولة للعثور على مكان تُشبهه الروح، على زمان يُشبه صدقك الداخلي. ولذلك تميل للكتب القديمة، للأغاني الأولى، للوجوه التي غابت… لأنها تمنحك يقينًا بأن العالم كان يومًا أكثر بطئًا، أكثر أمانًا، أكثر قربًا.
وقد يكون الغروب مرآة لهذا الشعور…
لونٌ ينسحب من السماء كما انسحبت أشياء كثيرة من حياتك، لحظة صمت تخبرك بأن شيئًا ما ينقص، وأن شيئًا ما تأخّر.
لسنا ضيوفًا في هذا الزمن…
لكن أرواحنا أعمق منه، ولهذا نشعر بالاغتراب.
نحن نحاول — فقط — أن نجد مساحة تتنفس فيها قلوبنا… مساحة تشبهنا.
وكلما اشتد هذا الإحساس، ازداد وعينا، وازداد تعلقنا بما لا يُمسك باليد… بل يُمسك بالقلب.






