الرئيسية الأدب والشعر امرأة تُرمّم نفسها بالكلمات حكاية أمل

امرأة تُرمّم نفسها بالكلمات حكاية أمل

13
0

بقلم: فايل المطاعني

البطولة: حسب الظهور

إهداء

إلى السيدة أمل…

التي خرجت قوية من الحطام،

ولم تجمع شتات قلبها لتعود كما كانت،

بل لتولد من جديد كما أرادت أن تكون.

إلى امرأة لم تهزمها الخسارات،

بل علّمتها كيف تُرمّم نفسها بالكلمات،

وكيف تجعل من الوجع طريقًا،

ومن الصمت صوتًا،

ومن الغياب حضورًا لا ينكسر.

هذا العمل لكِ…

ولكل امرأة تشبهك.

عندما تُقرر امرأة أن تكتب حكاية حياتها، فهي لا تفتح دفتر الذكريات فقط، بل تُقدم على مغامرة شجاعة؛ مغامرة قد تُساء قراءتها، وقد تُحمَّل ما لا تحتمل من أحكام. لكنها، في العمق، لا تفعل ذلك إلا لأنها تبحث عن الضوء الكامن في داخلها بعد إخفاقات السنين.

أنا أبحث عن عبارة حب صادقة، جميلة، تشبه القلب حين يكون نقيًّا، وأبحث عن رجلٍ حقيقي يُنير ظلمة أيامي، لا ليُنقذني، بل ليسير معي.

اسمي أمل…

هكذا سمتني والدتي قبل أن تغادر هذا العالم، وتتركني أواجه الحياة بقلب طفلة لم تستوعب غيابها المبكر. وما زلت، حتى اليوم، أحتفظ بذلك القلب؛ قلبٍ لم يتعلّم القسوة رغم كل ما مرّ به.

قد يبدو من الجنون أن يكتب الإنسان قصة حياته بهذه الصراحة، وستلاحظون ذلك بين السطور. سأكون صادقة إلى أبعد الحدود، صراحة قد يراها البعض تهورًا أو جنونًا. لكنها ليست جنونًا، بل محاولة لترميم ما علق في نفسي من وحل الأيام، بعد أن وجدت الدافع لأترك أخطائي خلفي وأبحث عن أملٍ جديد لحياتي.

أمل… تلك الكلمة التي أحاول أن أنقل بها حياتي المثقلة بالمتاعب إلى حياة أكثر خفة، حياة تجعلني أترك العالم قليلًا وأعود لأبحث عن نفسي.

لستُ قديسة، بالطبع.

أنا امرأة أرهقتها الأيام، لكنها لم تنجح في كسرها.

أردتُ أن أسرد حكايتي لتعرفوا أن الحياة لا تمنحك دائمًا ما تحب،

لكنّك أنت من يجب أن يسعى ليحصل على ما يستحقه.

والآن…

هيا بنا نتعرّف على أمل.

الحكاية الأولى

النجمة المضيئة

وُلدتُ في يومٍ مشرق من أيام شهر فبراير. كنتُ طفلة هادئة جدًا، هكذا كانت تقول أمي – رحمها الله – وتؤكد ذلك بعض صديقاتها ممن شهدن ولادتي.

عشت طفولتي الأولى بسلام، حتى بلغت التاسعة من عمري، حين تلقيت أول صدمة حقيقية في حياتي.

فقدتُ حاسة السمع.

لا أدري ما الذي شعرتُ به في تلك اللحظة، لكنني أذكر نظرات الآخرين، وارتفاع أصواتهم حين يخاطبونني، وحركات أيديهم، ودموع أمي وأخواتي. عندها فقط أدركت أنني أصبحت مختلفة.

كان ذلك أمر الله، وماذا تفعل طفلة صغيرة حين تُفاجأ بأن جزءًا من عالمها قد أُغلق فجأة؟

في تلك الليلة، تركتُ القلم والورق، وفتحتُ النافذة. كانت السماء مقمرة، والهدوء يلف المكان. رفعتُ رأسي فرأيت نجمةً جميلة مرّت سريعًا ثم اختفت.

ضحكتُ بهدوء وقلت:

تلك أمي… جاءت لتطمئن عليّ.

وغدًا… نكمل حكاية أمل.

يتبع…