الكاتبة/وجنات صالح ولي.
واكتشفت أننا نستطيع أن نهدي حياتنا لمن يشتري خاطرنا، ويداري خواطرنا، ويفهمنا ويتفهمنا، لمن يخبّئنا في حضن قلبه، وينسينا ثِقل ما نحمله في داخلنا. للإنسان الذي لا يراك عبئًا عاطفيًا، ولا يتعامل مع مشاعرك كأمرٍ قابل للتأجيل، بل يراها أولوية تستحق العناية.
التواصل الإبداعي لا يعني كثرة الكلام، بل صدقه. لا يقوم على الشرح المستمر، ولا على الدفاع عن الذات، بل على شعورٍ عميق بأنك مفهوم حتى في صمتك. هو ذلك النوع من العلاقات التي تلتقطك من بين السطور، وتقرأ ما لم تُجِد قوله، وتفهمك دون أن تُطالبك بتبرير إحساسك في كل مرة.
نحن بطبيعتنا نميل للبقاء مع من يقدّرنا، مع من يرى المجهود قبل النتائج، ويحتوي الارتباك قبل النجاح. نفضّل الأشخاص الذين لا يتساهلون في مشاعرنا، ولا يطلبون منا أن نكون أقل حساسية كي نستحق القرب. فالتقدير ليس تفصيلًا في العلاقات، بل أساسها الأول، والاحترام ليس خيارًا إضافيًا، بل شرطًا للبقاء.
ومع مرور الوقت، نتعلّم أن النضج الحقيقي لا يعني التمسك بالجميع، بل حسن الاختيار. لسنا مطالبين بإقناع كل من حولنا بنا، ولا بإصلاح علاقات تُرهق أرواحنا أكثر مما تمنحها. أحيانًا، أعلى درجات الحكمة أن نبتعد بهدوء، وأن نختار من يضيف لسلامنا الداخلي، لا من يستنزفه.
الحياة قصيرة، والمشاعر أثمن من أن تُهدر في أماكن لا تُشبهنا. فلنمنح وقتنا وقلوبنا لمن يحسن الاحتفاظ بها، لمن يجعل وجودنا أكثر طمأنينة وأقل قسوة. فهناك أشخاص لا نحتاج معهم إلى شرحٍ طويل، لأن القلوب حين تتفاهم… تختصر كل الكلام.






