الرئيسية مقالات إلى زوجتي الحبيبة… إلى أم أحمد

إلى زوجتي الحبيبة… إلى أم أحمد

14
0

بقلم/زوجك

محمد باجعفر

بينما كنتُ متكئًا على الكرسي،

أقلب منشوراتي القديمة،

لم أكن أبحث عن كلماتٍ مضت،

بل عني…

عن الرجل الذي صار أفضل

منذ أن صرتِ أنتِ يومه الثابت.

دخلت رائحة القهوة بهدوء،

كما تفعلين دائمًا،

دون ضجيج،

دون سؤال،

كأنك تعرفين أنني في هذه اللحظة

أحتاجها بقدر ما أحتاج وجودك.

لم أطلب القهوة،

ولم ألمّح،

لكنني كنت واثقًا…

أن قلبك يسبق لساني،

وأنك تشعرين بتلك اللحظة

التي أكون فيها متعبًا

حتى من التعب نفسه.

جئتِ تحملين الفنجان،

بثقة امرأة

تعرف مكانها في القلب،

وبابتسامة

لا تُجامل…

بل تطمئن.

أصابعك تحمل تمرًا،

لأنك تعرفين أن مرارة الحياة

لا تُقدَّم وحدها،

وأن الرجل، مهما بدا قويًا،

يحتاج لمسة حلوة

تذكّره بأنه محبوب.

شفاهك تتمتم بالدعاء،

دعاء لا أسمعه،

لكنني أعيشه،

أراه في اتساع صدري،

وفي ذلك السلام

الذي لا أعرف مصدره

إلا حين تكونين قريبة.

وعند النافذة،

كان أطفالنا يقفون،

أحمد وإخوته،

عيونهم الصغيرة

تراقب هذا المشهد البسيط،

غير مدركين

أنهم يشاهدون درسًا في الحب،

وفي الأمان،

وفي كيف تُبنى البيوت

على مهل.

كنتُ أحدّق في القهوة،

وأفكر كم مرة

انشغلتُ عنكِ،

وكم مرة

تركتُ اللحظة تفلت،

وأنتِ وحدكِ

من بقي ثابتًا

لا يبرد.

وفجأةً قلتِ،

بنبرة أعرفها أكثر من صوتي:

«القهوة لا تتركها تبرد،

كعادتك القديمة.»

ابتسمتُ،

لأنك لم تكوني تقصدين القهوة فقط،

كنتِ تقصدينني،

تقصدين قلبي،

وعمري،

وتلك العادة القديمة

في تأجيل الفرح

وأنتِ أمامي.

شربتُ القهوة،

لكنني كنت أشربكِ معها،

حضورك،

طمأنينتك،

سنواتك التي لم تتبدل،

ولا خذلت.

أم أحمد…

بعض النساء

يكنّ زوجات،

وبعضهن أمان،

وأنتِ كنتِ الاثنين معًا،

وكنتِ أكثر…

كنتِ الحياة

حين تعبت الحياة