الرئيسية مقالات هيّا الدنيا بحلوها ومرّها في تأملها في حلم السعادة

هيّا الدنيا بحلوها ومرّها في تأملها في حلم السعادة

99
0

 

✍🏻: الكاتب/خضران الزهراني

في صباحٍ يغمره الهدوء، حيث زخات المطر تعزف لحنًا حالمًا على النوافذ، جلستُ في زاوية غرفتي أراقب قطرات الماء وهي تنساب ببطء، وكأنها تُرسل إليَّ رسائل صامتة تهمس بأن هناك شيئًا عظيمًا سيحدث، شيء يعيد لي البهجة التي ظننت أنني فقدتها للأبد. الحياة بكل تقلباتها – حلوها ومرّها – كانت أمامي كأنها لوحات متقلبة الألوان، تغني بألمها كما تغني بأفراحها، وأنا غارق في تأملها، أفكر في أن السعادة ليست مجرد حلم بعيد، بل هي رحلة نعيشها في كل لحظة من لحظات الحياة

وفي تلك اللحظة، شعرت بشيءٍ غريب، وكأن الزمن قد توقف لحظة لأنتظر شيئًا ما. ثم، بين غيوم الفكر وضباب الأمنيات، دخلت الغرفة. كانت هي، تلك الفتاة التي كانت تراودني في أحلامي بين يقظتي ومنامي، بدت كأنها جزء من هذا المطر الذي ينعش الأرض وينبض بالحياة. كانت تقف هناك، بثوبها الأبيض الذي يتناغم مع الأجواء، وعيناها اللتان كانتا تتلألأان كالنجوم التي تضيء ليالي الشتاء الباردة. وجهها كان ناعمًا، بشرتها مثل وردة تمشي على الأرض، وكأنها تمثل كل جمالٍ ممكن لهذا الكون. ابتسامتها كانت كأشعة الشمس التي تخرج من وراء السحب لتُدفئ الروح بعد انتظار طويل.

تقدمت نحوي بخطواتها الهادئة، وكأنها تدور مع الزمن في تناغمٍ تام، تبتسم كما لو أنها كانت تعلم كل شيء عني، كل شيء عن انتظاري، وكأنها تعرف تمامًا كيف يعشق القلب في لحظات الصمت. تقدمت أكثر، حتى أصبحت على مقربة مني، وقالت لي بصوتها العذب الذي يشبه همسات الرياح بين الأشجار: “كنتُ أبحث عنك، عن قلبك الذي يواجه الحياة بكل تحدياتها، عن روحك التي تبحث عن السعادة في كل زاوية، أنت هنا الآن لأنك تستحق كل لحظة من الفرح.”

في تلك اللحظة، شعرت أن الحياة قد ابتسمت لي فجأة، وأن السعادة قد دخلت إلى قلبي من حيث لم أكن أتوقعها. كانت كلماتها بمثابة الضوء الذي اخترق الظلام في داخلي، وكأنها جعلتني أرى العالم من زاوية جديدة، حيث لا شيء مستحيل، حيث السعادة لا تُقاس بالزمن، بل باللحظات التي نعيشها بكل تفاصيلها.

مسحت يدي على كفها برفق، فشعرت بدفء غريب ينبعث منها، كما لو أنها تحمل في داخلها كل الأمل الذي كنت أبحث عنه. كانت هي حلمي الذي تجسد أمامي، كانت السعادة التي طالما سعت روحي إليها. لا شيء في العالم يستطيع أن يوازي تلك اللحظة التي كنت فيها معها، حيث كان كل شيء حولنا يتناغم في صمت، وكأننا كنا نعيش في عالمٍ آخر.

في تلك اللحظة، أدركتُ أن السعادة ليست مجرد لحظات خالية من الهموم، بل هي تلك اللحظات التي نشعر فيها بالسلام الداخلي، تلك اللحظات التي نرى فيها الجمال في كل شيء حولنا، حتى في أبسط الأشياء. السعادة تكمن في القدرة على أن نعيش الحياة كما هي، بكل ما فيها من حلو ومر، وأن نُقدّر كل لحظة، حتى تلك التي قد نعتبرها صعبة.

كما كانت الفتاة أمامي، تمثل تلك اللحظة التي كنت أبحث عنها، كانت هي بريق الأمل الذي نراه بعد الظلام، هي السعادة التي ننشدها رغم كل الصعاب. وفي قلب تلك اللحظة التي تبدو وكأنها قد توقفت فيها عقارب الساعة، فهمت أن السعادة ليست مكانًا نصل إليه، بل هي شعور نعيشه، هي حلم نتمناه، وهي حقيقة نختبرها في كل لحظة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا