الرئيسية الأدب والشعر من السعلوه والنمنم إلى هاري بوت. وبلايستيشن… أين يجد الكاتب هويته؟

من السعلوه والنمنم إلى هاري بوت. وبلايستيشن… أين يجد الكاتب هويته؟

192
0

 

– عبير الرمال/ كاتبة روائية

الكاتب العربي اليوم يعيش في أزمة حقيقية. عالمه سريع، متقلب، ومشوّه. التقنية تقتحم يومه،

فلا قيمة للنص الأدبي في وسط جيل جديد استجابتهم ضعيفة, فالطبيعة الذوقية لديهم تكونت من وسائل الالعاب الالكترونية التي لاتشبه الواقع بشيء، و من روايات الفانتزيا والعجائبية، وكأننا نعود الى زمن الخرافات، أضف الى ذلك وسائل التواصل الاجتماعي التي تشغله حتى التخمة، فيما تصنع منصات مثل “تيك توك” واقعًا وهميًا بلا قيمة ولا مضمون. وسط هذا الضجيج، يجد الكاتب نفسه غريبًا، بلا موطئ قدم، ولا مساحة آمنة لبناء هويته السردية.

هنا تصبح القصص الماضية ملاذًا.

الروائي يعود إلى القرون الوسطى، إلى الجاهلية، إلى صدر الإسلام، أو إلى الدول التي قامت ثم اندثرت، أو قامت واستمرت، ليجد في الحكايات المنسية ما لا يجده في الحاضر. من هناك يستلهم قصة أو سيرة، يعيد صياغتها، ويجعل منها مادة لهويته وانتمائه.

ولستُ بمنأى عن ذلك. فأنا ابنة القرن الحادي والعشرين، ومع ذلك كتبت رواية ” الجساس” عن الدولة السعودية الأولى، و رواية “الجرباء” عن الدولة السعودية الثانية، زمن النضال والتأسيس في ظل الفقر وانعدام الموارد. تصور حياة السعوديين ومروءتهم وأنفتهم واستبسالهم وقيمهم العظيمة.

حيث تناقش مواضيع اجتماعية ونفسية لها أثر كبير على ثقافتنا، كاشفة لأوجاع الأهالي من داخل البيوت.

كتبت عنهم وأنا أعيش في رخاء الدولة السعودية الثالثة، لأنني وجدت في الماضي ما يثبت المعنى ويعطي للحكاية جذورها.

جيلنا يعيش على ثقافة ألعاب إلكترونية، أفلام رعب وزومبي، وروايات فانتازيا بعيدة عن أي واقع. ذائقته تتشكل من فراغ، بينما الكاتب يحتاج إلى هوية سردية راسخة. وهنا يلتفت إلى الوراء، حيث يجد مادة صلبة يواجه بها حاضرًا هشًا.

إن العودة إلى الماضي ليست هروبًا من الحاضر، بل مواجهة له. مواجهة بعقل يحاول أن يصنع المعنى وسط عالم سريع الزوال، وأن يكتب هوية لا تبتلعها العوالم الافتراضية.