بقلم: عبدالعزيز الحسن
الإسلام دين عظيم يقوم على أركان راسخة، وأصول ثابتة، وقيم سامية، ومعتقدات نقية، وأفعال جليلة تهدي الإنسان إلى النور والرشاد.
ومع ذلك، نجد بعض الناس يغوصون في تفاصيل المذاهب والاختلافات، فيُبرزون ما يفرق أكثر مما يجمع، مع أن الأولى والأجدر أن يُسلَّط الضوء على ما يوحِّد القلوب ويقرب النفوس.
قبل أيام التقيت بصديق، ولم يخطر ببالي قط أن أسأله عن مذهبه أو انتمائه الديني. وبعد سنين من المعرفة، سألته صدفة: “لماذا تقدم مذهبك على دينك؟” فأجاب: “نحن مسلمون، لكن تفصيلنا كذا.” فاقترحتُ عليه أن يجيب بدينه مباشرة، وأن تبقى التفاصيل شأنًا شخصيًا يتعلق بالعبادة، لا بالهوية الجامعة.
لقد اعتاد بعض المسلمين والعرب أن يقدّموا اختلافاتهم وتنوعاتهم، التي كان ينبغي أن تُعد ثراءً وقيمة، حتى تحولت عند البعض إلى خلاف دائم وصراعات متكررة.
نعم، صحيح أن الإنسان يولد في بيئة معينة، قد تكون متأثرة بهذا المذهب أو ذاك، لكن العاقل من يسعى إلى فهم المذاهب كلها، ويأخذ منها ما يثري دينه، ويغني ثقافته، ويخدم علمه وعمله ومجتمعه. فالاختلاف إن أُحسن توظيفه، يصبح وسيلةً للكسب والإثراء لا للصراع والتناحر.
أليس الإسلام قائمًا على السلام؟
ألسنا نكرر يوميًا عبارة “السلام عليكم” مئات المرات؟
فلماذا لا ينعكس هذا السلام على قلوبنا وأفعالنا وتعاملاتنا؟
إن كنا نؤمن بالسلام والتسامح والمحبة والتعايش، فلماذا نشهد ازدياد نسب الطلاق، وتغير الوظائف المتكرر، واضطراب العلاقات والصداقات؟
إننا نظريًا نؤمن بقيم عظيمة، لكن عمليًا ينعكس سلوكنا في اتجاه آخر، فيظهر التناقض بين الظاهر والباطن.
فهل لا يزال الرأي الآخر مرفوضًا؟
وهل لا يزال التعايش المختلف والتفهم العميق مرفوضين؟
إن السكينة والسكن، والاستقرار والنمو، هي أساسيات الحياة الكريمة، ومنبع الجودة والاستدامة. ومن هذه الركائز تنبثق الصحة والسعادة والبهجة، ومنها يُولَد الإبداع، وتُصاغ الأحلام، وتُبنى الصناعات، وتُحقق الاكتفاءات، وتتوسع الموارد، ويزدهر الاقتصاد.
وعندها يعلو الوطن شموخًا وقوة، بفضل قيادته الرشيدة، وشعبه الوفي، ومقدساته العظيمة، ومنتجاته الوطنية، وربوعه الزاهرة، وسهوله الخصبة، وحراكه الشامل، وطموحه الدائم.
فنحن جميعًا للوطن الواحد،
موحدون، متكاتفون، مخلصون،
شعارنا دائمًا:
الإسلام دين السلام، والوطن بيت الجميع.
عبدالعزيز الحسن
⸻
مع تصفير الأزمات






