الرئيسية مقالات حين يبتليك الله بالحب أو الحزن أو بأمر من أمور الدنيا

حين يبتليك الله بالحب أو الحزن أو بأمر من أمور الدنيا

150
0

 

بقلم الإعلامي/ خضران الزهراني

الإنسان في رحلته القصيرة على هذه الأرض يمر بمحطات متعددة بعضها يمر بهدوء وبعضها يهز كيانه هزاً حتى يظن أن لا طاقة له بعدها بالوقوف وهنا يظهر معنى الابتلاء الذي لا يختبر الجسد وحده بل يختبر الروح والعقل والوجدان وكثيرون يظنون أن الابتلاء لا يكون إلا في المصائب الكبرى كالمرض والفقر والفقد بينما في الحقيقة قد يكون الابتلاء أرق وأخفى فقد يبتلى المرء بحب عميق يأسر قلبه حتى يعجز عن المضي قدماً أو بحزن صامت يرافقه كظل لا يفارقه أو حتى بشيء من زينة الدنيا التي قد تفتنه وتبعده عن خالقه والحب في أصله نعمة وبهجة للحياة لكنه يتحول إلى ابتلاء حين يخرج عن مساره الصحيح أو حين يعصف بالقلب إلى درجة يفقد معها اتزانه فيصبح امتحاناً حقيقياً هل سيظل القلب وفياً لربه واضعاً حدوداً تحفظ نقاءه أم سيغدو أسيراً لتعلق ينهكه ومن حكمة الله أن يجعل هذا النوع من الابتلاء فرصة لتطهير القلب من التعلق بما لا يملك وليتعلم أن الحب الأسمى هو حب الله وأن كل حب صادق ينبغي أن يبنى على الطهر والنية الخالصة والحزن أيضاً ابتلاء لا يقل قسوة بل قد يكون أشد ألماً لأنه ينهش الداخل بصمت وقد يبتلى العبد بفقد عزيز أو بخذلان صديق أو بخيبة أمل في طريق كان يرجو نجاحه وفي كل ذلك يبقى الحزن مدرسة قاسية تعلم الصبر وتمنح الروح شرف الانكسار بين يدي الله فالقلوب الحزينة أقرب إلى الدعاء وأسرع إلى التضرع وأكثر صفاء في النظر إلى الدنيا ومن هنا ندرك أن الحزن مهما كان موجعاً يحمل في طياته علاجاً خفياً يطهر النفس من الغرور ويذكرها أن الحياة ليست دار قرار أما شؤون الدنيا فهي ابتلاء آخر فقد يظن المرء أن الرزق الواسع أو المنصب العالي أو الجاه الكبير هو محض نعمة لكنه في جوهره قد يكون امتحاناً عظيماً فالمال اختبار للأمانة والسلطة امتحان للعدل والقوة ميدان للمسؤولية وقد قيل إن النعمة تحتاج إلى شكر أعظم من حاجة المصيبة إلى صبر فالصبر على البلاء قد يفرضه الألم أما الشكر عند النعمة فيحتاج إلى وعي ويقظة وحضور قلب وفي نهاية المطاف نفهم أن الابتلاء أياً كان شكله ليس عذاباً بل رسالة رحمة فقد يكون لتكفير الذنوب أو لرفع الدرجات أو ليعيد الله عبده من طريق ضياع إلى طريق هدى وكل ابتلاء هو نافذة للعودة إلى الله فالحب يقودك لتفهم قيمة الطهر والحزن يجعلك تلجأ إلى الدعاء والدنيا تذكرك بأنها زائلة وحين يبتليك الله بحب أو حزن أو بشيء من الدنيا فاعلم أن وراءه حكمة أوسع من مداركك ولا تيأس بل اجعل من ابتلائك سلماً يرفعك وتذكر دائماً أن الابتلاء علامة عناية وأن الله لا يختبر إلا من أحب وأن الفرج آت مهما طال الانتظار فهو ليس نهاية الطريق بل بداية وعي جديد وارتقاء روحي ورحلة صبر تكتب في صحيفتك نوراً ورفعة يوم تلقى ربك