بقلم: أخوكم/ خضران الزهراني
قال أحد الحكماء: “الشهوة مثل الخيل الجموح، من يملك زمامها يستطيع الوصول بها إلى المدى، ومن يتركها تهواه تتسبب له بالضياع”، وهذه المقولة تحمل في طياتها حقيقة نفسية وروحية عميقة. فالشهوة، كما هي من المشاعر الفطرية الطبيعية في الإنسان، تحمل في ذاتها قوة كبيرة، قد تكون دافعة نحو الخير أو طريقًا للدمار، حسب كيفية التعامل معها.
مثل الخيل الجموح، لا يمكن السيطرة على الشهوة بالقوة وحدها، بل تحتاج إلى حكمة وتروي. الخيل حين تجري دون صاحب يضبطها، تهوي بصاحبها إلى المخاطر، وقد يضيع الطريق أو يصطدم بالحواجز. والشهوة كذلك، إذا تركت الإنسان لها، قد تدفعه لفعل ما يندم عليه، أو لتجاوز حدود الدين والأخلاق، فتتحول من شعور طبيعي إلى هاجس يقيد العقل ويعبث بالحياة.
لكن التحكم في هذه القوة لا يعني قمعها أو إنكارها، بل فهمها وتوجيهها. فالخيل القوي يحتاج إلى فارس حكيم، والشهوة تحتاج إلى عقل راشد وقلب متزن. بالوعي والضبط الذاتي، يمكن تحويل هذه الطاقة إلى دافع للإبداع، ولتحقيق الطموحات النبيلة، بدل أن تتحول إلى هدر للطاقة أو سبب للمشاكل.
كما أن الشهوة، حين تُدار بشكل صحيح، تعلم الإنسان الصبر والتحكم بالذات، وتفتح أمامه آفاقًا لفهم نفسه أكثر، واستكشاف قدراته في مجالات الحياة المختلفة. إن القدرة على كبح جماح الشهوة ليست ضعفا، بل قوة حقيقية تظهر نضج الإنسان وتوازنه النفسي والأخلاقي.
في النهاية، تظل الشهوة مثل الخيل الجموح، قوة طبيعية لا يمكن إنكارها، لكنها تحت رحمة من يدرك قيمتها ويعرف حدودها. فكم من إنسان استطاع توجيهها نحو الخير، فارتقى بنفسه ومجتمعه، وكم من آخر تركها تسيطر عليه، فخسر نفسه وأهدافه. وهنا تكمن حكمة السيطرة على النفس: أن تعرف قوتك، وأن تديرها بعقل وحكمة، قبل أن تديرك هي.






