بقلم: أحمد علي بكري
منذ اندلاع الانتفاضات الفلسطينية وحتى اليوم، تحاول إسرائيل جاهدة أن تجعل من حركة حماس الذريعة الجاهزة لتبرير كل عدوان، ليس فقط على الفلسطينيين، بل وأحيانًا على دولٍ عربية بعينها. وكأن حماس أصبحت “مسمار جحا” الذي يُعلق عليه الصهاينة كل جرائمهم، كل اجتياحاتهم، وكل خروقاتهم للسيادة.
فحين يريد الاحتلال تدمير غزة، يرفع شعار “محاربة الإرهاب”. وحين يستهدف الضفة أو يضرب لبنان أو يتوغل في سوريا، يبرر الأمر بالذريعة ذاتها: وجود حماس أو دعمها. حتى في المحيط الإقليمي، كما حدث مؤخرًا من محاولات استهداف قيادات الحركة خارج فلسطين، تُستحضر هذه الحجة لتقويض أي دور عربي أو إسلامي داعم للحقوق الفلسطينية.
الخطير في الأمر أن إسرائيل تراهن دومًا على ذاكرةٍ دولية قصيرة وعلى دعاية إعلامية ضخمة تصف حماس بأنها “إرهابية”. بينما الحقيقة الواضحة أن الإرهاب صُنع في مطابخ الغرب نفسه: من أفغانستان إلى العراق وسوريا، كانت أجهزة استخبارات غربية وصهيونية تدير وتغذي تلك الجماعات المتطرفة، تزرعها ثم تتذرع بها لاحتلال أرض أو إسقاط نظام أو السيطرة على موارد.
الفلسطينيون اليوم يدركون أن ما يُرتكب بحقهم لا علاقة له بمقاومة مسلحة فقط، بل هو مخطط اقتلاع وتهجير ونهب للأرض. وما يزيد الطين بلة أن بعض القوى الكبرى في العالم تتواطأ مع الرواية الإسرائيلية، وتتجاهل أن الاحتلال ذاته هو أصل الإرهاب.
إذن، حماس ليست “الذريعة” بقدر ما هي اللافتة التي يُشهرها الصهاينة ليخفوا حقيقة مشروعهم: سرقة فلسطين، تبرير قصف غزة، والتدخل في شؤون الدول العربية. بينما يبقى السؤال الكبير الذي يعرف إجابته كل عاقل: من هو الإرهابي الحقيقي؟ المقاوم الذي يدافع عن أرضه، أم المحتل الذي يغتصب الأرض ويستبيح الدماء؟
في النهاية، سيبقى “مسمار جحا” الذي يحاول الصهاينة دقّه في جسد الأمة مجرد خدعة مكشوفة. أما فلسطين، فتبقى الحقيقة التي لا يمكن تزويرها ولا تغييبها، مهما حاولوا أن يلبسوا الباطل ثوب القانون أو يبرروا جرائمهم بلغة “محاربة الإرهاب”






