بقلم ..عائشة عداوي ‐ جازان
هواياتي، أشيائي الصغيرة، كتبي القديمة وأقلامي المكسورة…
كلها كانت يومًا عالمًا كاملًا أهرب إليه حين تضيق بي الحياة.
أما اليوم، فقد صارت تلك الأشياء كأنها تابوت…
تابوت لأحلام لم تُدفن، لكنها أيضًا لم تُعش.
نص أنشودة بلا لحن، بلا صوت… فقط صدى.
أتذكّر عنوان مدرستي…
شياك مقصف، غرفة المعلمات، طباشير بيد معلمة صبورة
ترسم لنا حرف الألف، وتقول:
“هذا أول الطريق…”
لكن لم تخبرنا أبدًا أن الطريق هذا قد يكون موحشًا،
وأن بعض القلوب تُطفئ فيها الألوان،
حتى لو كانت محاطة بكل طيف.
ألوان كثيرة… لكنها لا تكتب.
تراها أمامك، لكنها لا تفهمك، لا تشبهك، لا تترجم صوتك.
وكأن الحياة صارت مجرد لوحة صامتة…
مليئة بالأمل الباهت، والأحلام المؤجلة.
أتذكّر طابور الصباح…
ذلك الصوت العالي بنشيد الوطن،
“يا وطني عشت فخر المسلمين”،
كنا نردده بفخر، ونحن لا نعلم
أن بعض الأوطان لا تحتويك، حتى لو حفظت نشيدها عن ظهر قلب.
أتذكّر الفصل… الباب… الفسحة…
الطلاب، الأصوات، المشاغبة، الضحك،
كأن الدنيا كلها كانت في ذلك الحوش الصغير.
واليوم… كل شيء تغيّر.
حتى الحلم صار يرتجف في يدي.
وأصبحت أقول لنفسي:
الحلم لا ينام، لكنه أحيانًا يتألم بصمت.
خلف باب… هناك خوف.
خوف من المجهول، من الغد، من الوحدة،
من كل الأشياء التي لا نعرف كيف نُسميها، لكن نشعر بها جيدًا.
في البيت…
قطة، أرنب، صوت ديك، عصافير تتراقص على حواف النافذة،
كلها تهمس لي:
الحياة ما زالت هنا… لا ترحل عنها قبل أوانك.
لكن رغم الأبواب المفتوحة،
رغم أصوات الحياة الصغيرة،
لا زالت هناك قلوب… تبكي وتنادي،
قلوب تبحث عن دفء، عن ضوء،
عن حضن حقيقي لا يشبه حضن الغياب.
فهل يسمعها أحد؟
هل يلتفت أحد لهذه الأرواح التي تنام كل ليلة
وهي تتمنى فقط… أن تُفهم؟






