الرئيسية مقالات حين يُرفض النسيان

حين يُرفض النسيان

161
0

 

عائشة عداوي – جازان

في زوايا الروح، تختبئ فلسفات غامضة، وأمورٌ عصيّة على الفهم. تنتشر الفوضى كأوراق مبعثرة، كأنها بقايا إنسان مرّ من هنا وترك ظله معلقًا بين الحلم والواقع. هناك أحلامٌ تهمس بخجل، وكوابيس تنهش الطمأنينة بلا رحمة، وخطّافات مبهمة تشدّ الروح إلى أعماق لا تفسير لها. شيءٌ من العناد يأسر القلب، يدفعه إلى التيه، حيث لا دليل ولا مفرّ، سوى حديث شجنٍ لا يطرق باب العقل، بل يخاطب الأرواح مباشرة، كما لو كان يعرفها منذ البدء.

يكسو العيون فرحٌ ذابل، يشبه أوراق الخريف المنهكة، وتبقى على الشفاه بقايا ضحكة تخنقها الغصّة. إنه هروبٌ صامت من واقعٍ يزداد ضجيجه يومًا بعد يوم، وتعلّقٌ بأحلام يقظة لا تأتي، لكنها تمنح وهم الأمان، لحظات قليلة من الراحة في قلب العاصفة.

إلى متى سيأبى النسيان أن يأخذنا بعيدًا… إلى هناك، حيث لا شيء سوى السكينة، والأيام الجميلة التي لا تنتمي إلى هذا الزمان؟ كم سنبقى عالقين في دوّامة الذكريات، أسرى مشاعر لا تهدأ، نسير في دروبٍ حفرتها حكايات كاذبة، وتزينها ضحكات مزيفة؟

نعرف أن جبال الجليد لا تنبت فيها أزهار الربيع، وأن عواصف الشتاء القاسية لا تشرق فيها شمس، لكننا رغم ذلك، نبقى ننتظر… وكأن في الانتظار شيئًا من النجاة، أو شيئًا من النسيان.