الرئيسية مقالات خبراء المجتمع

خبراء المجتمع

194
0

  عبدالعزيز الحسن  

إنّ في كلّ أمة كنوزًا حيّة، وأعمدةً راسخةً، وقناديلَ نورٍ لا تنطفئ؛ أولئك هم خبراء المجتمع، الذين نطلق عليهم خطأً مسمى “المتقاعدين”.

فأيّ لقب هذا الذي يُقصي عطاءهم، ويختزل مسيرتهم، ويضعهم في زاوية النسيان، بعد أن حملوا على عاتقهم بناء الوطن، وتربية الأجيال، وصناعة النهضة؟

لقد بزغ فجر رؤية 2030، وانطلق التحوّل الوطني، وارتفعت معايير جودة الحياة، غير أنّ بعض المسميات القديمة ما زالت تكبل العقول، وتغلق الأبواب أمام التحوّل الحقيقيّ، وتبقي على مصطلح “التقاعد” وكأنه نهاية المطاف، وهو في الحقيقة بداية مرحلة أسمى من العطاء والخبرة والحكمة.

إنّ الواجب علينا، بكل وضوح، أن نُعيد صياغة تعاملنا مع مربي الأجيال ورجال الخبرة، فنرفعهم إلى المنزلة التي تليق بهم، ونطلق عليهم اللقب الأجمل والأصدق: خبراء المجتمع، كبراؤنا وأساتذتنا وأركاننا الراسخة.

لا يكفي أن تُسنّ مبادرات التقدير على الورق، بل لا بد من تحويلها إلى واقع حيّ:

•   تأسيس لجان ومجالس تُعنى بخدمتهم ودعمهم.

•   إشراكهم في القرار الصحي والتجاري والاقتصادي.

•   تسخير خبراتهم لتوجيه الشباب ورواد الأعمال.

•   تفعيل برامج صحية واجتماعية وثقافية ونفسية تُعزز مكانتهم.

فهل يُعقل أن تُغدق المجتمعات بالدعم على “رواد الأعمال”، بينما تُهمل “خبراء المجتمع” الذين هم الأصل والأساس؟

وهل من المنطقي أن نستقطب كبار الخبراء من خارج الوطن، بينما نُقصي خبراءنا المحليين الذين عاشوا التجربة وبنوا لبنات التطوير بدمائهم وعرقهم ووقتهم؟

إنّ النظرة الدونية التي يواجهها خبراؤنا تحت مسمى “متقاعدين” لا تليق بوطنٍ عظيم،

ولا تنسجم مع رؤيةٍ طموحة، ولا تعكس قيم الوفاء والاعتراف بالجميل.

لقد أعطوا بلا حدود للإنسانية،

أفلا يحقّ لهم أن نمنحهم التقدير بلا حدود؟

فكما توجد مؤسسات عالمية للكشافة والشباب، آن الأوان أن نؤسس مؤسسات للخبراء، تستثمر عقولهم، وتُعيد دمجهم في قلب المجتمع، ليكونوا مصدر إلهام ودعم وإثراء.

أيها السادة،

علينا أن نكون عونًا لمن كانوا عونًا لنا، وأن نحفظ مكانتهم كما حفظوا أوطاننا وأجيالنا، وأن نُكرمهم كما أكرمونا بالعلم والتربية والتضحية.

لنمنحهم مقامهم المستحق، ولنكتب بأفعالنا قبل أقوالنا أعظم معاني الوفاء.

ولنجعلها رسالة جامعة، عطاءً ممتدًا، وبركةً متواصلة، تليق بخبراء المجتمع وكبارنا وأعمدتنا الراسخة.

كلنا لكبرائنا…

نهنئكم ونبارك لكم اليوم العالمي لكبار السن ١/١٠

جمعه جامعه خير