بقلم : سعادة اللواء الدكتور زايد محمد العمري – الرياض
اطلعت على قصيدة اشبة ما تكون بقائمة بالامثال الشعبية صاغها الشاعر الكبير ظافر المشعلي بطريقته الخاصة فوجدت ان لدى هذا الشاب حس الشباب ومعرفة الشياب ، يقتنص الامثال ويوظف لها الكلمات فيصوغها في قالب من الابداع جعلني اقف امام سنين عمري الطويلة استذكر ما كان يحث عليه الاباء وينكرونه من افعال فوجدته قد جمعها في هذه المقطوعة الرائعة فعطرها بالحكمة وطرزها بجوهر الكلمة وصاغها شعرا تصغي له الاذان وترق له القلوب وقد استهل هذه المعزوفة بقولة :
( كل باب ، يجيك منه ريح صكه دون ، ريحه
ولاتساوم في حقوق الناس بأسلوب ، التمرّد )
استهلالة رائعك لهذه القصيدة بهذا المثل العربي الذائع الصيت الذي يقال كسد للذرايع ودرء للمشاكل وكانه يقول سابدأ قصيدتي بعد ان اسد هذا الباب لكي اعيش مع قصيدتي كيفما شيئت حتى لا يؤثر عليّ احد ، وفعلا ينطلق شاعرنا ليقول عليك ان لا تساوم في حقوق الناس وان تعطي كل ذي حق حقه ، دون تردد او تمرد وينتقل الى وضع الانسان امام حقيقة نفسة فيقول :
( واعرف ، انك في زمن وقت الرديه ، والنطيحه
في زمن ، فك التشدد دام مسموح ، التمدد )
يوضح في هذا البيت ان الزمن قد اختلف باختلاف من يعيش فيه فاصبح من الصعب البحث عن الرفيق المناسب ولقد كثر الخبث ياله من شاعر وقف بكل شجاعة امام عصره ونقده بكل مصداقية مع العلم انه يعيش فيه وبين ظهرانيه ، فعلا ان هذا العصر فيه تتفكك الاسر والاواصر واضمحلت كثير من العادات الطيبة وحل مكانها صفات غير محمودة ويستمر هذا المبدع مع وصفه لعصرة فيقول :
( واعرف انك في محيط وسط دنياك الفسيحه
واعرف ، انك في زمان التقنيه عصر التجدد )
يكرر انه يجب عليك ان تعترف بان المحيط الذي تعيش فيه تسيطر عليه التقنية بجميع وسائلها الحديثة فالطائرة والسيارة قربتا البعيد والسوشل ميديا جعلت العالم قرية صغيرة وهذا التجدد حسب استخدامك له ان سيء او حسن ، وينتقل باسلوب رايع وجميل من وصف الزمن الحالي وما فيه من تقنيات ساعدت على تغييره الى مثال اخر هو :
( ولاتكلم ، في قفى الغايب وعرضه ، تستبيحه
واقضب ، اللسانك ، ولاتغلط واذا ، زليت عوّد )
لا يستعرض هذه النصائح ويقدمها في هذا القالب الشعري الا شاعر متمكن يستطيع ان يطوع الكلمة ويصبها كما يصب الذهب ، ورجلا صادقاً حاذقاً قد تخلق بهذه الصفات الحميدة كم انت كبير ايها الشاعر حينما اضفت على المثل طلبك ممن يخطي ان يعود ويستسمح ممن اخطأ عليه ويستمر العطا الشعري المميز حيث يقول :
( وان كسبت اكسب مدايح ولاتكسب ، فضيحه
وصفحتك ،، خلها ، جميله ، وحذرى ، لاتسوّد )
لم يتوقف هذا الشاعر عن اسدأ النصح الذي هو اهلا له فيقول كما قال الشاعر ( اذا غامرت في شرف مروم ،،، فلا تقنع بما دون النجوم ) وزاد على هذا الشاعر بان وضعك امام نفسك بحيث لا تزيد على نفسك الذنوب وحاول ان تقابل ربك بصفحة ناصعة البياض ، ويستمر ليقول :
( والرضى يسكن قلوب العالم اللي مستريحه
والحسد يعمي البصاير والحسد طبع المقرّد )
مقارنة عجيبة ومن اجمل المقارنات ان تاتي بالمتضادات فيقول عليك ان ترضى بما قسم الله لك وان لا تحسد احد ابدأ ( اللهم اجعلنا كذلك يارب ) فجمع بين ( الرضى والحسد ) واظهر بهما بيتاً رائعاً وجميلا ولكي يدلل على صدق ما ذهب اليه يقول :
( وكل طاير لو يطير يطيح واسأل ، عن مطيحه
ولاخلقنا ،، نعمر ،، الدنيا ،، وبالدنيا ،، نخلّد )
كلام في غاية الروعة وكانه بدأ يهدأ شاعرنا لكي يصل الى نهاية منطقية لقصيدته الرائعة فيستعرض المثل ( ما طار طير وارتفع الا كما طار وقع ) ولكن بطريقته الخاصة فعادته ان يكمل اي مثل يستعرضة بشي جميل فيه وضوح لقرب الشاعر من الله وطيب سجينه البدوية التي تربى عليها ، ثم ياتي على ربط اخر القصيده باولها وكانه يقول ان المساله لف ونشر او كما يقول الشعراء ( فتل ونقض ) فهو قد بدأ بالفتل في اول ابيات القصيدة وبدأ هنا ينقض فيقول :
( فانتبه ، من موجة ، التيار واعمل ، بالنصيحه
واغنم ، الفرصه ، ليا جاتك ، وحذرى ، لاتردد )
اي خذ بالتقنية ولا تغفلها ولكن عليك ان تعمل بالنصيحة التي قد اسديتها لك وكما يقول المثل ( اذا كنت ذا راي فكن ذا عزيمة فان فساد الراي ان تترددا ) ويختتم هذه المقطوعة بهذه الخاتمة التي لا تقل جمالا عن استهلالته فيقول :
( واعرف ، انه بالنهايه ، مايصح ، الا صحيحه
وكل زرعن ، تزرعه ، تجنيه ،، بالوقت ، المحدد )
الخاتمة فعلا خاتمة رائعة وزاد من روعتها انها جواب لكل ما قبلها ، وخير الكلام اذا كان في الختام اصبح مسكاً وهنا يقول ترى مهما عملت ايها الانسان فلن يصح الا الصحيح يالها من خاتمة فاقت كل توقعاتي فقد استشهد بقوله تعالى ( ختامها مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) ثم يختم عجز هذا البيت ان ليس لك ايها الانسان الا ما عملت من خير او شر وكاني به يستعرض الاية الكريمة في سورة الزلزلة ( ومن يعمل مثقال ذرة خير يراه ومن يعمل مثقال ذرة شر يراه ) أكرر احترامي لهذا الشاعر الذي اخذني في هذه المقطوعة فسرى بي وكاد ان يعرج بي بافكاره التي فاقت الخيال وسار بي بين امثال العرب وزاد عليها زيادات محمودة فيها حبكة شاعر وراي حكيم وفقت وبارك الله فيك
قراءة نقدية وتعليق
د. زايد محمد العمري
كل باب ، يجيك منه ريح صكه دون ، ريحه
ولاتساوم في حقوق الناس بأسلوب ، التمرّد
واعرف ، انك في زمن وقت الرديه ، والنطيحه
في زمن ، فك التشدد دام مسموح ، التمدد
واعرف انك في محيط وسط دنياك الفسيحه
واعرف ، انك في زمان التقنيه عصر التجدد
ولاتكلم ، في قفى الغايب وعرضه ، تستبيحه
واقضب ، اللسانك ، ولاتغلط واذا ، زليت عوّد
وان كسبت اكسب مدايح ولاتكسب ، فضيحه
وصفحتك ،، خلها ، جميله ، وحذرى ، لاتسوّد
والرضى يسكن قلوب العالم اللي مستريحه
والحسد يعمي البصاير والحسد طبع المقرّد
وكل طاير لو يطير يطيح واسأل ، عن مطيحه
ولاخلقنا ،، نعمر ،، الدنيا ،، وبالدنيا ،، نخلّد
فانتبه ، من موجة ، التيار واعمل ، بالنصيحه
واغنم ، الفرصه ، ليا جاتك ، وحذرى ، لاتردد
واعرف ، انه بالنهايه ، مايصح ، الا صحيحه
وكل زرعن ، تزرعه ، تجنيه ،، بالوقت ، المحدد.







