الرئيسية مقالات لهيب الحرية الزائفة

لهيب الحرية الزائفة

387
0

 

بقلم: أحمد علي بكري

في زمنٍ اختلطت فيه المفاهيم، وصار البريقُ يُغري أكثر من الجوهر، نُسجت خيوطٌ ذهبية من الوهم، وبيعت تحت اسمٍ براقٍ اسمه “الحرية”. حريةٌ تُنادي الأنثى أن تتمرد على فطرتها، وأن تمزق شرنقة الحياء التي تصونها، وأن تُكسر قيود العفّة التي تحفظها من الذوبان في نارٍ لا تبقي ولا تذر.

قالوا لها:

«أنتِ فراشةٌ جميلة محبوسة في شرنقةٍ من التقاليد، تحرري منها، واطيري في سماء الحرية!»

فمزقت شرنقتها، وبدت عاريةً للريح والبرد، تبحث عن دفءٍ في فضاءٍ لا يرحم.

وأشاروا نحو ضوءٍ يتراقص أمامها وقالوا:

«ذاك هو نور الحرية… اقتربي منه، ستجدين الدفء!»

فحلّقت نحوه بشغفٍ يائسٍ، لتكتشف متأخرةً أن ذلك الضوء لم يكن إلا لهيب النار.

احترقت الفراشة، كما احترقت قبلها أرواحٌ كثيرة باسم الحرية.

تلك الحرية التي خُلعت عنها أثواب الحياء والعفاف حتى صارت سلعةً معروضة على موائد الرغبات، تُقاس قيمتها بجسدها لا بعقلها، وتُسعّر أنوثتها في أسواق الشهرة لا في موازين الكرامة.

لقد أرادوا للمرأة أن تُصدق أن الشرنقة التي تحميها هي سجن، وأن الحياء قيد، وأن الانفلات تحرر.

لكن الحقيقة أن الحرية بلا قيم ليست سوى عبوديةٍ جديدة، وأن النار التي يغلفونها بطلاء النور ليست دفئًا بل احتراقًا بطيئًا

إن الفراشة التي تحترق في سبيل الوهم، تشبه كل نفسٍ تُساق خلف السراب باسم التحرر، بينما الحرية الحقيقية لا تُشعل الجسد بل تُنير الروح، ولا تخلع الثياب بل تكسو النفس بالعزة والكرامة.

فيا ابنة الطهر، لا تنخدعي ببريقٍ زائفٍ يصنعه من أرادوا لكِ أن تكوني جمرةً في موقدهم.

احفظي شرنقتكِ، ففيها حريتكِ الحقيقية، حريةُ أن تختاري أن تكوني كما أرادكِ الله، لا كما رسمكِ تسويقهم.

فإن الشرنقة التي تظنينها قيدًا…

هي في الحقيقة درعٌ من نور يحميكِ من لهيب الحرية الزائفة.