✍️ بقلم: الإعلامي خضران بن عيسى الزهراني
في زمنٍ تتسابق فيه المعلومة… تبقى الحقيقة أغلى ما يُنشر.
في زمنٍ تتسابق فيه الأخبار لتصل أولًا قبل أن تُكتب بدقائق، أصبحنا نعيش في عالمٍ يفيض بالمعلومة، لكنه في الوقت نفسه يعاني من التضليل. فليست كل معلومة تُنشر «خبرًا»، ولا كل ناقلٍ «صحفيًا». وهنا تكمن أهمية التحري والتدقيق قبل النشر أو المشاركة، إذ إن الخبر غير المؤكد قد يُحدث أضرارًا لا يمكن تداركها.
بين السرعة والصدق
تحدي الصحفي اليوم لا يكمُن في جمع المعلومة فقط، بل في كيفية التحقق منها وسط زخمٍ من المصادر المتعددة والمتناقضة أحيانًا. فالسبق الصحفي مطلوب، لكن المصداقية أهم، لأن الخبر حين يفقد صدقه يفقد قيمته وتأثيره. لذلك، يُقال في المهنة: أن تتأخر قليلًا بخبرٍ صحيح، خيرٌ من أن تسبق بخبرٍ خاطئ.
كيف نتحقق من الخبر؟
يبدأ التحري من المصدر؛ فالمصدر الصادق هو حجر الأساس لأي خبر موثوق. بعدها تأتي المقارنة بين أكثر من وسيلة إعلامية لمعرفة مدى تطابق الروايات. كما يجب التأكد من الزمان والمكان، فكم من صورٍ قديمة أو مقاطع من دولٍ أخرى تم تداولها على أنها أحداث جديدة!
ولا يمكن إغفال أدوات التحقق الحديثة، مثل البحث العكسي عن الصور أو مراجعة الحسابات الرسمية للجهات المعنية، وهي وسائل ساعدت الصحفيين على كشف كثير من الشائعات.
مسؤولية الكلمة
التحري ليس مهمة الصحفي وحده، بل مسؤولية كل فرد يشارك خبرًا أو معلومة. فالنشر السريع دون وعي قد يسيء لأشخاص أو جهات أو وطن بأكمله. ومن هنا، يجب أن ندرك أن “زر المشاركة” قد يكون أحيانًا أخطر من “زر النشر”.
الإعلام بين المصداقية والثقة
وسائل الإعلام التي تحرص على التثبت من أخبارها تزرع الثقة في جمهورها، وتجعل اسمها مرادفًا للصدق والموضوعية. بينما تفقد الوسائل التي تلهث وراء الشهرة قيمتها مع الوقت، حتى وإن تصدرت العناوين ليومٍ أو اثنين. فالجمهور اليوم أصبح أكثر وعيًا، ويستطيع بسهولةٍ أن يميز بين الخبر الحقيقي والمفبرك.
خاتمة
يبقى التحري عن الخبر معيارًا حقيقيًا لضمير الصحفي، ومقياسًا لجودة الإعلام. فالمصداقية لا تُشترى، بل تُبنى عبر سنوات من الالتزام والاحترام للحقيقة. وفي زمنٍ تتداخل فيه الأصوات، سيظل الصحفي الصادق هو من يُسمع صوته بوضوح… لأن الحقيقة لا تُصدِر ضجيجًا، بل تُضيء الطريق.
منطقة الباحة
📱 X (تويتر): @mohnd200040
👻 سناب شات: mohnd200040






