✍️/ الإعلامي خضران الزهراني
في زحمة الحياة اليومية، تتراكم أمامنا تفاصيل صغيرة، تبدو أحيانًا كأنها تثقل كاهلنا أو تعيق مسارنا. نراها في المواقف العابرة، في الكلام الفارغ، وفي الصراعات التي لا طائل منها. إنها سفاسف الأمور؛ تلك التفاصيل التافهة التي تلتهم وقتنا، لكنها في النهاية لا تضيف لنا شيئًا سوى الإحباط والضياع الذهني.
التوقف عند مثل هذه الأمور، أو محاولة منحها حجمًا أكبر من قيمتها، يشبه محاولة شرب ماء البحر لتروي العطش؛ كأننا نغرق في تفاصيل لا طائل منها، بينما الجوهر الحقيقي للحياة يمر أمامنا دون أن نلحظه. لذلك، تكمن الحكمة في تمييز المهم عن التافه، والارتقاء فوق صغائر الأمور التي لا تستحق اهتمامنا.
التعامل مع سفاسف الأمور لا يعني التجاهل المطلق لكل التفاصيل، بل يعني ترتيب الأولويات، وإدارة الوقت بحكمة، وصقل النفس بالوعي والهدوء. فالتمسك بما لا قيمة له يسرق منا الفرص، بينما من يعرف كيف يرفع نظره عن الضجيج المحيط يرى الحقيقة بوضوح ويعيش حياة أكثر هدوءًا وإنتاجية.
حين نتساءل: ماذا عسى أن نقول عن سفاسف الأمور؟، يكمن الجواب في التجاهل الواعي، والصمت الرزين، والتركيز على ما يضيف قيمة حقيقية لحياتنا. كل دقيقة نقضيها في الانشغال بالتفاهات هي دقيقة تُسلب من عمق تجربتنا، ومن جمال لحظاتنا الحقيقية.
وفي النهاية، الحياة قصيرة، وأثمن من أن تهدر على تفاهات لا تثمر. لنرفع نظرنا عن سفاسف الأمور، ولنضع اهتمامنا على ما يستحق، فالقيم الحقيقية، والإنجازات العظيمة، واللحظات الصادقة، كلها تنتظر من يدرك أهميتها ويعطيها قدرها من التركيز والاهتمام. الحياة لمن يعرف الجوهر، ويختار أن يعيشها بوعي، وصدق، وجمال.
لا تهتم بالضجيج الفاني فالحياة قصيرة
اختر جوهرك بين العيون، واصنع لنفسك مسرىً






