بقلم غزل احمد المدادحة
في حياتنا جرائم كثيرة، بعضها يُحاسَب عليها القاتل ويُعاقَب وفق القانون، لكن هناك جريمة لا يُحاكم عليها أحد، ولا يوجد لها قانون ينصف ضحاياها. إنها جريمة الإنسان حين يرهق نفسه، ويستنزف روحه، ويكبت وجعه متظاهرًا بأنه بخير.
إنها تلك اللحظة التي يعطي فيها الإنسان بلا حدود، ويهمل ذاته، فيغدو قتيل عطائه المفرط وصمته الطويل، قد يبتسم وهو يتألم وقد يبدو قويًا بينما يتهاوى من الداخل، أليس هذا ظلمًا للنفس؟ أليست هذه جريمة كبرى لا يحكمها قاضٍ ولا قانون؟
كم منّا يعيش هذا الدور من دون وعي، يركض خلف الزمن، ينسى أحلامه، يخنق صوته الداخلي الذي يصرخ طلبًا للراحة والاهتمام. إننا كثيرًا ما نكون الجلاد والحاكم والضحية في آنٍ واحد، نحكم على أنفسنا بالإرهاق، وننفذ الحكم بصمتٍ بارد.
آن الأوان لنصغي إلى دواخلنا، لنعيد السلام إلى أرواحنا، ونمنحها الحق في الفرح والحياة، فالله وهبنا نفسًا جميلة تستحق الحب لا العناء، والطمأنينة لا التمزّق، ولنضع قانونًا جديدًا لأنفسنا، عنوانه: “لن أؤذي نفسي بعد اليوم”.
بدايةً لنغفر لأنفسنا، نبدأ من جديد بخطوات هادئة نحو حياة أكثر صفاءً وسلامًا، لأن أجمل القوانين هي تلك التي نحكم بها بالرحمة على ذواتنا، حبذا لو لا نذكر الماضي فنحن أبناء الحاضر، لا يمكن أن نصلح الماضي بل يمكننا تصويب تداعياته وبناء المستقبل.






