بقلم: الكاتبة وجنات صالح ولي
هي رحلةٌ فرديةٌ تخصّك أنت وحدك، تحمل بين طيّاتها ما مررتَ به من خذلانٍ عاطفي، أو جحودِ معروف، أو تشتّت أفكارٍ جريئة، أو كلّ ما سبّب لك أذى نفسيًّا.
رحلةُ التعافي تبدأ حين تُقرر أنت ذلك، لأنّ أحدًا غيرك لا يستطيع أن يمنحك الشفاء التام ما لم تُرِدْه أنت من أعماقك.
في زاويةٍ هادئةٍ من الحياة، تبدأ رحلةٌ لا يراها أحد، ولا تُسمع لها ضوضاء… رحلةُ التعافي الصامتة.
هي تلك المرحلة التي لا تُعلن عن نفسها، لكنها تُحدث في الداخل ثورةً هادئة، كالمطر حين يُعيد للتراب رائحته القديمة.
في هذه الرحلة، لا يحتاج الإنسان إلى ضجيج النصائح، ولا إلى جموع المواسين الذين يُلقون كلماتهم ثم يمضون.
يحتاج فقط إلى نفسه… إلى قلبٍ يسمعه دون حكم، وعينٍ تُبصره دون لوم، وصبرٍ يُعيد بناءه من الحطام خطوةً خطوة.
قد يبدو الصمتُ استسلامًا، لكنه في الحقيقة لغةُ الشفاء الأولى.
فيه نُصغي لأنين أرواحنا، نُعيد ترتيب فوضى أفكارنا، ونعيد تعريف أنفسنا خارج حدود الخذلان، بعيدًا عن كلّ الأصوات التي أرادت أن تُقرّر لنا كيف نعيش وكيف نتجاوز.
رحلةُ التعافي الصامتة ليست ضعفًا، بل نضجٌ يُولد في أحلك اللحظات.
هي تمرينٌ على الاكتفاء بالسكينة بدل الصراخ، وبالهدوء بدل المواجهة.
وفي النهاية، حين تنتهي تلك الرحلة غير المعلنة، يخرج الإنسان منها مختلفًا… لا أقوى فحسب، بل أكثر فهمًا لما يستحقّه قلبه.
قد لا يعرف أحدٌ ما مررتَ به، لكن الله يعلم كم مرّة رمّمت نفسك بصمت، وكم مرّة ابتسمت رغم أنك كنت على وشك الانهيار.
ذلك الصمت الذي لم يلحظه أحد… هو ما صنع فيك كل هذا النضج والضياء. 🌿






