خالد جبلي – جازان
لقد وقفتُ على جانب الطريق
لا أبحث عن وجهٍ بعينه بل عن ظلٍّ يشبه من كانوا يومًا معي.
أبسط أحزاني وأشجاني على الأرض كطفلٍ فقد لعبته،
وأتأمل المارة علّي ألمح ملامح من غابوا…
لكن لا أحد يعود.
لم يعد من كان يُسامرني ويهوى حديثي
ولا من كان يضحك حين أضحك
ولا من كان يُضمِّد جرحي بكلمةٍ صادقةٍ تذيب الألم قبل أن ينطق
تلك الوجوه التي كانت تملأ يومي بالحياة غابت
كأنها لم تكن سوى حلمٍ جميلٍ مرّ سريعًا
ترك في القلب أثره ثم اختفى بصمتٍ مريب.
أين الذين تغنّوا بضحكاتي؟
أين الذين حكيتُ لهم آهاتي؟
أين من قال لي يومًا: أنا هنا احكِ لي كل أحزانك وسأكون لك وطنًا حين تغترب؟
رحلوا جميعًا وتبدّدت أصواتهم في زوايا الذاكرة.
كم غريب أن يبقى الطريق كما هو
تتغيّر فيه الوجوه لكن يبقى صامتًا
يشهد على كل مرورٍ ووداعٍ،
ويحمل آثار من عبروا وتركوا خلفهم أرواحًا تنتظر.
على ذلك الرصيف، أضع ما تبقّى من قلبي
ألملم أشلاء أحلامي التي تهشّمت
وأمضي بصمتٍ لا يسمعه أحد
صمتٍ يضجّ بالكلمات التي لم تُقال
وبالحنين الذي لم يجد طريق العودة.
كثيرًا ما نتخيّل أن من يرحل سيعود
لكن الحقيقة أن بعض الرحيل لا رجعة فيه
وبعض الغياب لا يُعوّضه حضور.
نحاول أن نمضي أن نُقنع أنفسنا أن الحياة تمضي
لكن شيئًا فينا يتوقف عند تلك اللحظة
اللحظة التي ودّعنا فيها من كان يعني لنا العالم بأكمله.
ورغم كل هذا الحزن يبقى فينا ضوء خافت
يُذكّرنا أن الله لا يترك قلبًا مكسورًا بلا جبر
ولا حلمًا ميتًا بلا حياة جديدة.
قد نمشي في طرقٍ خالية اليوم
لكن غدًا قد يُزهر الطريق مرة أخرى بمن نُحب أو بمن يُقدّر وجودنا حقًا.
فيا أيها الطريق
احفظ أسراري وذكرياتي وضحكاتي القديمة
قل لمن يمرّ من هنا بعدي:
إنه كان هناك من أحبّ بصدق
ورحل بصمت
وترك وراءه حكايةً لم تكتمل






