الرئيسية مقالات عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة… رؤية تطوعية نحو الأثر الحقيقي

عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة… رؤية تطوعية نحو الأثر الحقيقي

95
0

 

حمد بن موسى الخالدي

في العمل التطوعي، كثيرًا ما ننجذب إلى المشاريع الكبيرة والأفكار الطموحة التي تلمع في الأفق، فننشغل بما هو قادم أكثر مما هو قائم بين أيدينا. غير أن المثل الشعبي القديم “عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة” يحمل لنا رسالة عميقة تتجاوز المعنى الظاهر، لتكون بوصلة لكل فريق تطوعي يسعى إلى تحقيق أثر واقعي ومستدام.

العصفور الذي في اليد هو الجهد الصادق، والمبادرة الصغيرة التي تنفَّذ على أرض الواقع، والمتطوع الذي يقدم وقته وجهده دون انتظار مقابل. أما العصافير التي على الشجرة فهي تلك الأحلام والمشروعات الكبيرة التي لا تزال حبيسة الخطط والحديث، لم تلامس بعد حياة الناس.

إن العمل التطوعي لا يُقاس بحجم الفكرة، بل بما يتحقق منها من نتائج ملموسة. فكم من مشروع صغير غيّر واقع أسرة أو أسعد قلب محتاج، وكم من مشروع ضخم لم يرَ النور لأنه ظل حبيس الأوراق والوعود.

في عالم المبادرات التطوعية، الواقعية لا تعني تقليص الطموح، بل حسن إدارة الطاقات وتوجيهها نحو ما يمكن تحقيقه فعلاً. فالتأثير الحقيقي يبدأ بخطوة، والفريق الناجح هو من يوازن بين الطموح والتنفيذ، بين الحلم والعمل، وبين التخطيط والعطاء.

ومن هذا المنطلق، يحرص فريقنا التطوعي على أن يكون “العصفور باليد” رمزًا للإنجاز الحقيقي، لا ننتظر الفرص الكبرى لنصنع فرقًا، بل نصنع الفرص بأنفسنا من خلال مبادراتنا اليومية البسيطة التي تُحدث الأثر وتبني الثقة.

ففي النهاية، ليس المهم كم من المشاريع نخطط لها، بل كم من الأيادي امتدت بالعون فعلاً، وكم من القلوب شعرَت بدفء التطوع.

وهذا هو جوهر رسالتنا: أن يكون لكل عصفور نمسك به جناح يُحلّق بالأمل في سماء العطاء