خالد جبلي ‐ منطقة جازان
سكبت عبراتها وداعًا
وظننتُ أنها قد رحلت دون رجعة.
قلّبتُ معطفي ودفاتر ذكرياتي
لعلّي أجد فيها حرفًا يودّعني
لكن لم أجد سوى قُبلاتٍ باهتة
وقلبٍ مرسومٍ احترق نصفه.
لم أتمالك نفسي
فانهمرت دموعي تكمل احتراق ما تبقّى من ذلك القلب.
تلفّتُّ يمينًا ويسارًا
لعلّ صدى صوتها يجبر خاطري
هاتفْتُها… فلم يَعُد الهاتف يرنّ.
حينها أيقنتُ — لقد رحلت دون رجعة
يا من ملكتِ قلبي في ربيع شبابي
وحضنتِ صدري في شتاء وحدتي
ولملمتِ جراحي وأهاتي
ثم رحلتِ تاركةً خلفك نوبات هلعٍ وبكاء.
عودي إلى دارك لعلّي أنسى حسراتي
دعيني أرسم بسمتك قبل مماتي.
لقد غاب الصوت الذي كان يملأ أيامي
وأصبح المكان موحشًا والوقت مهدورًا.
مات الشجر وذبلت الأغصان
التي كنتِ تروينها كل صباحٍ باكر.
رحلت القطط والعصافير التي كنتِ تطعمينها
وكأنها تقول: لم يعد هنا من كان يواسينا.
أصبح الدار كالمقبرة يوحشني ولا يأويني.
رحلتِ ومنذ رحيلك وصوتك لا يفارقني.
أستحلفكِ بربّ الكون أن تعودي
فلم يعد لي وطنٌ أنشد فيه
ولا لوحةٌ أرسم عليها أحلامي.
لم يعد لكوب الشاي مذاق
ولا لرشفة العسل حلاوة.
عودي… فقد صرتُ بقايا ذكرى مؤلمة.
وداعًا فلم يعد هناك ما أخسره
انتهى كل شيء.
وداعًا يا من أفرحتِني بكل شيء
وأحزنتِني حين علمتُ أنني لم أحقق لكِ شيئًا.
أتذكرين تلك الشجرة التي كنا نحتسي تحتها الشاي؟
لقد نحتُّ لكِ تمثالًا عند جذعها
كي لا تغادري روحي — ولو لدقائق.
وداعًا يا من لم تغادري روحي ولا جسدي
إنني أحتضر…
فارسمي قبلةً على صدري قبل دفني






