ا/محمد باجعفر
جازان /صدى نيوز إس
كلمة أدبية من زاوية فكرية عميقة: تلامس الأحاسيس وتعزف على اوتار المشاعر
وهي عبارة تتهادى على ألسنتنا كنسمة خجلى، نحملها في جيوب المواقف، ونخرجها حين يداهمنا الخوف من أن نكسر زجاج الودّ أو نخدش رهافة الشعور.
نقولها ونحن نعلم أنّ ما بعدها قد يحمل طلبًا غير مألوفأ، أو سؤالًا يلامس منطقة الصمت في حياة الآخرين ، أو حتى رأيًا قد يُثقل المسامع. إنها جسر صغير من الحياء نمدّه قبل أن نعبر إلى الضفة الأخرى من الحوار.
كم من مرة خبّأنا وراءها تردّدنا، وكم مرة جعلناها عذرًا نبيلًا لجرأتنا!
هي توازنٌ بين القلب والعقل، بين رغبتنا في البوح وخوفنا من أن نُحرج من نحب.
في داخلها اعتراف مبطّن بأننا نحترم المسافة التي بيننا وبين الآخرين، وبأننا ندرك أنّ الكلمة قد تُهدي أو تُؤذي، وأن اللباقة ليست ضعفًا، بل قمة الذكاء الإنساني.
لكن أحيانًا، نصبح أسرى هذه العبارة، فنضعها في غير موضعها، ونخشى استخدامها في مواضعها الحقيقية.
نقولها حين لا داعي، ونسكت عنها حين يكون الإحراج واقعًا فعلاً.
فتغدو كالمظلة التي تُفتح في غياب المطر، أو كالعذر الذي يُقال بعد أن يقع العتب.
المعذرة على الإحراج ليست مجرد جملة عابرة، بل هي مرآة لذوق المتحدث، ولطراوة مشاعره حين يقف على حافة البوح.
هي دليل أن فينا بقايا رقة، وأننا ما زلنا نهاب أن نجرح قلبًا بكلمة، أو نخدش ودًّا بسؤال.
فليتنا نستخدمها بصدقٍ حين تستحق، لا خوفًا ولا مجاملة، بل احترامًا لإنسانية الآخرين، وتقديرًا لصمتههم وخصوصيتهم.
وليت من يسمعها يدرك أنها ليست ضعفًا، بل أدبٌأ يغسل قسوة المفردة، ويزرع الودّ في تربة الحوار.






