الرئيسية مقالات حين يتكلم اللون شعرًا

حين يتكلم اللون شعرًا

175
0

 

د/حسن احمد خالد الامير

جازان /صدى نيوز إس

في جنوبٍ يحتضن البحر والسهل والجبل، وُلد الحرف كما تولد الزهرة من رحم الضوء، وهناك، في محافظة صبيا بمنطقة جازان، لمع اسم الدكتور حسن أحمد الأمير؛ شاعرًا يرسم بالكلمات، ورسامًا يكتب بالألوان.

لم يكن الشعر لديه مهنةً ولا الرسم ترفًا، بل كلاهما نبضٌ واحد يترجم ما يجيش في داخله من إحساسٍ إنسانيٍ عميق. يحمل قلب الفنان ووجدان المفكر، فيرى في القصيدة لوحة، وفي اللوحة قصيدة، كأن بينهما خيطًا من ضوءٍ لا ينقطع.

كتب عن الإنسان والمكان، عن الحنين الذي يقطن التفاصيل الصغيرة، وعن الجنوب الذي يسكنه دفءُ الأرض وصدقُ الذاكرة. أما في لوحاته، فتظهر جازان بكل ألوانها؛ نساؤها بثياب العيد، شواطئها التي تعانق الموج، وبيوتها التي تشبه القصص القديمة.

شارك في ميادين الأدب والفن حضورًا ووعيًا، مؤمنًا بأن الجمال رسالة، وأن على المبدع أن يكون شاهدًا على الحياة لا متفرجًا عليها.

في كلماته صدق، وفي فنه دفء، وفي حضوره اتزان العالم الداخلي الذي لا يضجّ بالضوء إلا حين يتأمل.

إنه أحد أولئك القلائل الذين جمعوا بين الفكر والإحساس، بين رهافة الشعر وجرأة اللون، فصار صوته لونًا، ولونه صوتًا، يعبّر بهما عن إنسانٍ يرى في الجمال خلاصًا، وفي الإبداع وطنًا.

وهكذا يمضي الدكتور حسن أحمد الأمير في رحلته بين الكلمة واللون، حاملاً في قلبه رسالة الجمال، وفي فنه نبض الإنسان.

لا يكتب ليُقال إنه شاعر، ولا يرسم ليُقال إنه فنان، بل لأن في داخله نداءً لا يهدأ، يدفعه لأن يُعبّر عن الحياة كما يراها: صادقة، متقلبة، مفعمة بالدهشة.

من صبيا خرج صوته كأغنيةٍ جنوبيةٍ رقيقة، ومن جازان أخذ دفء الروح، ومن التجربة استمدّ عمق المعنى، فصار واحدًا من أولئك الذين يزرعون الضوء حيث يمرّون، ويتركون خلفهم أثرًا لا يُمحى من الذاكرة.