بقلم : فايل بن سريد المطاعني …
صلاح الغافري، شاعر عماني أصيل، وُلد في 18 أكتوبر 1979 بولاية الرستاق، ووجد في الكلمة موطناً وفي الإيقاع هويةً، وفي القصيدة حياة ممتدة. منذ صغره، انغمس في قراءة الشعر العربي الكلاسيكي وكتب التراث، متأثرًا بالمعلقات ونتاج كبار الشعراء العرب في العصرين الجاهلي وما بعد الإسلام. شغفه المبكر بعلم العروض وبحور الشعر العربي رسّخ لديه حسًّا وزنيًا واضحًا وميولًا نحو الأسلوب العمودي الرصين، فبدأ كتابة الشعر في أواخر التسعينيات حين كان في العشرين من عمره تقريبًا.
إلى جانب عشقه للأدب، اتجه الغافري إلى الدراسة العلمية، حيث حصل على بكالوريوس الهندسة الكيميائية من جامعة شيفيلد في إنجلترا عام 2002، ثم تابع دراسته العليا ونال درجة الماجستير في هندسة البترول من جامعة هيروت وات في إدنبرة بأسكتلندا عام 2003. هذا المزج بين العلم والفن أضفى على لغته الشعرية عمقًا ودقة وتناغمًا فريدًا.
خلال فترة وجوده في المملكة المتحدة، ألقى الغافري عددًا من قصائده في أمسيات ثقافية بمدينة إدنبرة ومدينة ليدز، في محافل جمعت طلابًا ومهتمين بالشعر العربي، وكانت تلك المرحلة من أبرز محطات إبرازه كأديب قادر على الأداء الشعري المتقن.
مع بداية عام 2022، شرع الغافري في مرحلة جديدة من تجربته الفنية عبر تسجيل قصائده وبثها صوتيًا وإنشاديًا على منصاته الرقمية، ليصل اليوم رصيده إلى أكثر من 70 عملًا منشورًا على يوتيوب وإنستغرام، تتنوع بين الإلقاء الفردي والأعمال الإنشادية المشتركة. ومن أبرز أعماله:
«إمام المرسلين»، «استنهاض أمة»، «إربأ بنفسك»، «موطن الأمجاد»، «يا جنود الله هبّوا»، «من يفتدي»، و«الشهيد». هذه الأعمال تتسم باللحن الشعري القوي والإيقاع الهادئ واللغة الوجدانية.
كما تعاون الغافري مع عدد من المنشدين العمانيين البارزين، مثل عبدالهادي العبري، عبدالله الرحبي، منذر النعيمي، عبدالله السباعي، سالم الرحبي، ويحيى الرحبي، بالإضافة إلى مواهب إنشادية ناشئة مثل ناصر الحسيني والخليل الجرداني، ما عزز من تنوع تجربته الفنية وغناها الإبداعي.
ورغم عدم امتلاكه حتى اليوم ديوانًا شعريًا مطبوعًا، إلا أن الغافري يعمل على جمع وتنقيح نصوصه بهدف إصدار ديوان ورقي قريبًا، ليكون تتويجًا لمسار بدأه بين المكتبة التراثية والمنصات الرقمية.
وأبرز ما يميّز تجربة الغافري أنه لا ينطلق من مجرد الرغبة في القول، بل من قناعة بالدور العاطفي والوجداني للشعر في تشكيل الروح والوعي والذاكرة، ليظل اسمه علامة بارزة في المشهد الشعري العماني الحديث …






