بقلم /محمد باجعفر
جازان /صدى نيوز إس
في كثير من الأحيان، نتحدث عن التسامح، لكن كثيرًا ما يظل الحديث مجرد كلمات جوفاء، وشعارات بلا مضمون، بعيدة عن الواقع العملي. نحن نرددها كجمل لطيفة، دون أن نعيش جوهرها، دون أن نمارسها في حياتنا اليومية.
التسامح هو أكثر من ذلك بكثير؛ هو قيمة إنسانية عظيمة تعكس عمق الأخلاق وسمو الروح. إنه القدرة على تقبل الآخرين رغم اختلافاتهم في الرأي، الدين، العرق، أو الثقافات، والابتعاد عن العنف والانتقام عند وقوع الخلافات. التسامح لا يعني الضعف، ولا التنازل عن المبادئ، بل هو دليل على قوة النفس وحكمتها، وقدرتها على تجاوز الضغائن والبغضاء، والانتصار للسلام الداخلي قبل أن يكون خارجيًا.
التسامح هو حجر الزاوية في بناء المجتمعات السليمة والمتماسكة. فهو يمهد الطريق للتفاهم، ويقوي أواصر التعاون بين أفراد المجتمع، ويقلل من النزاعات والصراعات. كما أن الفرد المتسامح يعيش حياة أكثر هدوءًا وسعادة، لأنه يحرر قلبه من مشاعر الغضب والكراهية، ويملأه بمحبة وسلام داخلي، تنعكس على كل من حوله.
يمكن غرس قيمة التسامح منذ الصغر عبر التربية والتعليم، إذ يُعلّم الأطفال احترام الاختلاف وتقدير الآخرين. ويصبح التسامح ممارسة يومية من خلال الاستماع للآخرين، التعامل بلطف، الاعتذار عند الخطأ، وتجنب الأحكام المسبقة على الناس.
التسامح ليس مجرد خلق جميل، بل هو أسلوب حياة يرفع قيمة الإنسان ويقوي روابط الإنسانية. من يختار التسامح يسهم في صنع عالم أكثر رحمة، فهمًا، وسلامًا، عالم يُقدّر الاختلاف ويحتفي بالتنوع، عالم تستقر فيه القلوب قبل العقول.






