الرئيسية مقالات هدايا القدر في لحظات الانكسار

هدايا القدر في لحظات الانكسار

61
0

 

بقلم : خالد الحربي – الرياض

صحيفة صدى نيوز إس

قد تمرّ على الإنسان لحظات يضيق فيها صدره بالتعب، فيجد نفسه منسحباً إلى عزلةٍ لا يراها أحد. يشعر حينها أنّه الوحيد الذي يحمل هذا الثقل، الوحيد الذي يحاول أن يتخطّى ثم يتعثّر، يحاول أن يتعايش فيخذله التعايش، فيعود إلى نقطة الألم التي دفعته أصلاً إلى الانزواء.

ويشتدّ عليه العتاب، ليس على العالم، بل على نفسه؛ لأنّ إخوة الروح والدم لم يكونوا بجواره ليأخذوا بيده خارج عزلته. يطول الشرود، وتتداخل الأفكار، وفجأة يظهر أشخاص لم تجمعه بهم صلة الدم، لكنّهم جاؤوا وكأنّ القدر أرسلهم ليعيدوا إليه معنى الأخوّة التي افتقدها.

يغيّرون معادلة الألم إلى أمل، ويقلبون موازين الفشل إلى محاولات ناجحة، ويقدّمون عزاءً لا يُقال بالكلمات بل يُزرع في القلب. تتألّم، فيتألّمون لأجلك. تبتسم، فيصبحون هم السبب الخفي لهذه الابتسامة التي قاومت قسوة الزمن. ومعهم تتحوّل صحراء الألم إلى رياض من الطمأنينة، ويصبحون طريقاً واضحاً نحو السعادة بعد أن كان الضياع رفيقك.

تفارقهم جسداً، لتكتشف أنّ حضورهم لم يغادر قلبك، وأنّ نورهم مستمر في تبديد ما تبقّى من ظلمات داخلك. هم السعادة التي تقهر الحزن، والطمأنينة التي تُسكن الروح، يكفي أنّ أسماءهم تحمل نصيباً من وفائهم.

تدرك أنّهم هم من علّموك معنى الأخوّة التي جهلتها، وأنّك مهما حاولت ردّ الجميل فلن تجد ما يعبّر عن امتنانك. فلا تملك إلا أن تُخفض رأسك خجلاً، وتقول لهم: أنتم سعادتي، وأنتم معنى الشكر الذي تعجز الكلمات عن وصفه. فليكن صمتي رسالة ممتلئة بما تعجز اللغة عن حمله، لأنّ الصمت أحياناً أبلغ من كلّ الكلام.

ومهما طال الطريق، ستبقى هذه الأرواح النقيّة دليلك إلى الضوء. فوجودهم حولك برهان على أنّ الله لا يترك قلباً يتكسّر دون أن يحيطَه بقلوب تُرمّمه. ومع كل يوم جديد، تتذكّر أنّ الألم مرحلة، وأن الأمل رفيق دائم، وأنّ قدومهم إلى حياتك ليس صدفة، بل وعد بأنّ القادم أجمل، وأنّك ما دمت محاطاً بهم فلن تعرف الانكسار أبداً