الرئيسية مقالات الأربع فضائل

الأربع فضائل

75
0

 

بقلم: إبراهيم النعمي

جاء في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثلاً بديعًا لأحوال الناس مع المال والعلم، فقال عليه الصلاة والسلام:

“مثلُ هذه الأُمَّة كمثل أربعة نفر: رجلٌ آتاه الله مالًا وعلمًا فهو يعمل بعلمه في ماله يُنفقه في حقه، ورجلٌ آتاه الله علمًا ولم يؤته مالًا فهو يقول: لو كان لي مثل هذا لعملت فيه مثل الذي يعمل، فهما في الأجر سواء.

ورجلٌ آتاه الله مالًا ولم يؤته علمًا فهو يخبط في ماله، يُنفقه في غير حقه. ورجلٌ لم يؤته الله علمًا ولا مالًا فهو يقول: لو كان لي مثل هذا لعملت فيه مثل الذي يعمل، فهما في الوزر سواء.”

حديث عظيم جمع مدارج الفضل ومواضع الزلل، وأبان أن العلم هو الذي يوجِّه المال، وأن النية ترفع صاحبها وإن لم يملك إلا صدق المقصد.

ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إن أمهات الفضائل أربع:

العلم الذي يبصّر الإنسان بالحق.

الدين الذي يهذب السلوك ويقيم العمل.

الشجاعة التي تعين على مواجهة الملمات بثبات.

الكرم الذي يسمو بالروح ويُعلي قيمة العطاء.

وقد أشار الشعراء إلى هذه المعاني عبر الأزمنة؛ فالمتنبي يقول:

على قدر أهلِ العزم تأتي العزائمُ

وعلى قدر الكرامِ تأتي المكارمُ.

ويقف الشافعي رحمه الله موقف العارف بقدر نفسه، الراضي بما قسم الله، فيقول:

قنعتُ بالقوتِ من زماني

وصُنتُ نفسي عن الهوانِ…

حتى يختم حكمته البليغة:

ومن رآني بعينِ نقصٍ

رأيتُهُ بالتي رآني

ومن رآني بعينِ تَمٍّ

رأيتُه كامِلَ المعاني.

أما أمير الشعراء أحمد شوقي فيؤكد مكانة العلم باعتباره أساس العمران ونهضة الأمم:

العلمُ يبني بيوتًا لا عمادَ لها

والجهلُ يهدمُ بيتَ العزِّ والكرمِ.

ويأتي ابن الرومي ليجعل الشجاعة في مصافّ الجود، فيقول:

وما في الناسِ أجودُ من شجاعٍ

وإن أعطى القليلَ من النوالِ

وحسبُك جودُ من أعطاكَ مالًا

تميلُ عليه أطرافُ العوالي.

وهكذا تجتمع هذه الفضائل الأربع — العلم، والدين، والشجاعة، والكرم — لتصنع إنسانًا تكتمل به معاني المروءة، ويستقيم به ميزان الحياة، وتنهض به الأمم نحو الخير والرفعة.