ا/عبد الله الليوبي
جازان/صدى نيوز إس
لا ينفصل الإنسان عن هندسة الكون بل هو امتداد لها.
فنبض القلب رقم، وقياس الوعي زمن، وتاريخ الذاكرة معادلات من التكرار والتلاشي.
بل إن العقل نفسه يفكر رقمياً دون أن يشعر يقيس، يوازن، يقدّر، يقارن، يكرر…
كأنه يترجم العالم من حوله إلى معادلات حسية يفهم بها ما يظهر، وما يختفي، وما يتجاوز حدود الإدراك.
حتى العواطف—على عكس ما نعتقد—تحمل طابعاً رقمياً:
فالحب يتصاعد بنسب، والحنين يهبط بمنحنى، والخوف يتكرر كذبذبة مغلقة.
أما الذاكرة فتعمل كمعمار هندسي من “التراكم”، حيث تتحول التجارب إلى طبقات رقمية تحفظها النفس بدقة لا ننتبه لها.
وهنا يلتقي الإنسان بالكون:
كلاهما يعمل كآلة ضخمة من الإيقاعات والقوانين والنسب.
وعلى هذا ليس غريباً أن يلتقي الفيلسوف والرياضي والعالِم جميعهم عند بوابة واحدة وهي أن العالم قابل للقياس، وقابل لأن يُفهم عبر رقمٍ يتكرر، ونسبةٍ تتناغم، وإيقاعٍ كونيّ يعبر داخل الإنسان كما يعبر خارجَه فاذا كانت الأرقام هندسة الكون، فإن الإنسان هو الذات التي تُدرك تلك الهندسة.
إنه الجسر بين التجريد الرياضي والوجود المادي.
فالمعادلة التي تصف حركة كوكب، هي نفسها التي تصف انحناء قوس قزح، وهي ذاتها التي تفسّر شكل بصمة الإصبع.
هذا التشابه لا يأتي صدفة؛ بل يكشف عن وحدة عميقة بين الوجود والعقل فسبحان من ابدع وسبحان من جعل لكل شئ سبباً ولكل داء دواء فلا شئ في ملكه سبحانه يخضع للصدفة كل شئ بقدر
فالعقل الإنساني قادر على فهم الكون لأنه مصنوع من المادة نفسها التي صُنعت بها القوانين الكونية.
ولو لم يكن بينهما تجانس، لما استطاع الإنسان أن يكتشف رقماً واحداً، أو قانوناً واحداً، أو نسبة واحدة تتكرر في زهرة وفي مجرة.
ا/ عجبدالله بن عبيد اليوبي






