الرئيسية مقالات النفاق الاجتماعي ا/مزنة سعيد البلوشية

النفاق الاجتماعي ا/مزنة سعيد البلوشية

98
0

 

سلطنة عمان /صدى نيوز إس

هو ظاهرة واسعة الانتشار في مجتمعاتنا العربية (وربما في كل المجتمعات البشرية)، ويعني ببساطة: أن يظهر الإنسان شيئاً في العلن ويُخفي عكسه في السر، أو يقول ما لا يفعل، أو يمدح شيئاً وهو في قلبه يكرهه، أو ينتقد شيئاً وهو يفعله بنفسه.

أشكال النفاق الاجتماعي الشائعة عندنا:

الكيل بمكيالين

ننتقد الفساد بشدة في المجالس، لكن إذا جاء دورنا نفعل نفس الشيء أو أسوأ.

نسبّ اللي يأخذ رشوة، لكن لو أتتنا الفرصة “نأخذ حقنا” بأي طريقة.

التقية الاجتماعية

(وليست الدينية)

نبتسم في وجه شخص نكرهه كراهية شديدة، ونقول “نفسي أشوفه” بينما نتمنى له الشر.

نحضر عزاء أو فرح شخص لا نحبه فقط “علشان الناس ما تتكلم”.

الدين في الظاهر والدنيا في الباطن

يرفع صوته بالأذان أو يطوّل لحيته أو يلبس قصيراً، لكن قلبه مليئ بالحقد أو يأكل أموال الناس بالباطل.

ينشر آيات وأحاديث على الفيسبوك كل ساعة، لكنه يكذب ويغش ويغتاب في الواقت الضائع.

الوطنية الانتقائية

يتكلم عن حب الوطن و”دمي فداه”، لكنه أول من يهرّب أمواله للخارج، أو يهين بلده أمام الأجانب، أو يتآمر عليه إذا خالفه هواه.

النسوية والرجولة المزيفة

الرجل اللي يقول “أنا أكره الرجعية” وهو يضرب زوجته أو يمنع بناته من التعليم.

البنت اللي ترفع شعار “الحرية الشخصية” لكنها أول من تحكم على غيرها إذا لبست أو خرجت أو اختارت حياتها.

لماذا ينتشر النفاق الاجتماعي عندنا بهذا الشكل؟

المجتمع “يخنق” الفرد: الخوف من “كلام الناس” أقوى من الضمير أحياناً.

غياب المحاسبة الحقيقية: الكذب والرياء ما عاد له عقاب اجتماعي أو قانوني واضح.

ثقافة “الوجه والعتبة”: المهم الشكل الخارجي، حتى لو الداخل خربان.

الفقر والصراع على الموارد: يدفع الناس للنفاق كي يحصلوا على فرصة أو منصب أو مال.

ضعف التربية الأخلاقية الحقيقية: نربى على “الخوف من الناس” أكثر من “الخوف من الله” أو من الضمير.

النتيجة؟

مجتمع يعيش في توتر دائم، لا يثق ببعضه، ملمتلئ بالحقد مكبوت، وكل واحد يلبس قناع مختلف حسب الموقف. وأخطر شيء:

النفاق يصبح “طبيعي”، فالصادق هو اللي يُعتبر غريب الأطوار أو “لا أن يعرف يعيش”.

في النهاية: النفاق مرض اجتماعي قاتل، أخطر من الفساد المعلن أحياناً، لأنه يقتل الثقة ويُفكك النسيج الاجتماعي من الداخل.

سؤال أتركه لك:

هل تستطيع أن تعيش بصدق تام في مجتمع يعاقب الصراحة ويكافئ النفاق؟ أم أن بعض النفاق “اضطرار اجتماعي” لا مفر منه؟