الإعلامي خضران الزهراني
في زمن تتقاطع فيه الطرق وتتباعد فيه الأجساد، يبقى لبعض الأرواح قدرة عجيبة على أن تلتقي رغم المسافات. فليست الأم وحدها من تُنجب الإخوة، بل القلوب أيضًا؛ إذ تمنحنا الحياة أحيانًا أشخاصًا يصبحون أقرب إلينا من نبضنا، رغم أنهم لا يجمعوننا بهم صلة دم… بل صلة مودة، وثقة، وصدق لا يُشترى.
نقول لهم: “أنت أخٌ غالٍ لم تلده أمي”، ليس مجازًا، بل حقيقة تُثبتها المواقف قبل الكلمات.
هؤلاء الذين يشبهون العين البصيرة؛ نراهم حين نحتاجهم، نفهمهم دون شرح، ويقفون معنا بصدق لا ينتظر مقابلًا. ومعهم نكون مثل عينين في رأس واحد… يرى كلٌ منا ما يعجز الآخر عن رؤيته، ويمده بالقوة حين يضعف، وبالأمل حين يضيق صدره.
ورغم أن أجسادنا قد تفرّقها المدن، وتبعدها مشاغل الحياة، إلا أن الأرواح تظلّ تتعانق، والقلوب تبقى على عهد المحبة في الله ثابتة، لا تهزّها سنوات ولا تغيرها الظروف. نعم… تعصف بنا الأيام، ونمرّ بمحن وظروف قاسية، لكن نبل الأخوّة الحقيقية يجعل العلاقة تمتد وتتجذّر كجذر شجرة لا تعرف السقوط.
إن الصداقة الصادقة قيمة نادرة…
والمحبة الخالصة في الله كنزٌ لا يبهت لمعانه مهما تعاقبت الفصول.
ومهما تبدّلت طرق الحياة، تبقى الأخوّة الحقيقية شاهدًا على أن الإنسان لا يقاس بعدد من حوله، بل بمن يسكنون قلبه.
وهكذا تبقى العلاقات الصادقة نورًا في مسيرة العمر؛
تُضيء الطريق، وتمنحك يقينًا بأن الله إذا أحبّ عبدًا، أهداه أخًا… لا تربطه به ولادة، بل تجمعه به محبة السماء.






