الرئيسية مقالات مَلاذ

مَلاذ

30
0

 

محمد الرياني

صاح عليهم باندهاش !!

هيَّا هيَّا …. ناموا .

تجاوزت الساعةُ منتصفَ الليل ومازلتم تواصلون الليل بالنهار !

مابكم ؟ ناموا …ناموا !

لقد مضت الأحلام السعيدة ، أخذها السعداءُ الذين ينامون نومًا عميقًا وأنتم تزهقون روح الليل في السهر .

سأطفئ عنكم النور كي تجلب لكم الظلمةُ الرغبةَ في النوم .

أطاعوه وناموا بعدما تركهم .

عاد ليطمئن عليهم ويتأكد من أنهم التحقوا بركبِ النائمين وما بقي من أحلام .

سمعَ شخيرًا متداخلًا وسطَ الظلام ، سألَ نفسه !

هل يمكن أن تأتي أحلامٌ سعيدةٌ وسطَ موج الشخير ؟

تركَهم وعاد ليكملَ نومه .

استيقظَ في الصباح ليجدَهم في سكرةِ النوم .

ما أروعَ هذا الصباح وما أجمله !

كلُّ شيءٍ في غايةِ الجمال ، الظلالُ وحركةُ الناس والجوُّ اللطيف ، وتغريدُ البلابل ، ليت هؤلاء النائمين يستيقظون ويرون جمالَ الدنيا .

صاحَ فيه ليوقظهم .

انهضوا فقد غادرَ الليلُ بأحلامِه وجاء النهارُ بآمالِه .

نهضوا منزعجين بفعلِ هذا الذي أقلقهم .

لم يروا أحلامًا مبهجةً في الليل ، كان نومًا مشلولًا من المنتصف ، ونهارًا يترنح ، اعتذرَ منهم لأنه لم يفهمْ طبيعتَهم ، قام في المساءِ الآخرِ بإغلاقِ غرفتِه على نفسه وتركهم في الغرفةِ المجاورة ، شبَّ حريقٌ أثناءَ نومِهم فالتهمَ أحلامَهم وقتَ الشخير ، كان للتوِّ قد استيقظَ وذهبَ ليرى لحظةَ الإشراق ، سأله غيرُهم عن الدُّخانِ المنبعثِ في الظلام ، أجابهم بأن رائحةَ الأحلامِ خرجتْ مع الشخير .

ضحكَ وقال لهم : لا تصدقوا فأنا أمزح ، لقد أخمَدُوا النيرانَ قبل أن تأتي إليهم ، عاد إليهم فوعدوه بأن يناموا أول الليل ، ناموا واستيقظوا يبحثون عن صاحبهم ، وجدوه قد كتبَ لهم : لقد انتهتْ مهمتي معكم ، انتبهوا لأنفسكم ، لو عادتِ النارُ من جديدٍ فلن تجدوا الذي يصرفُها عنكم .

نامُوا في الظلامِ وقد فتحوا النوافذ ، كي يطمئنوا أكثر ، استيقظوا في الصباحِ يتبادلون أحلامَهم ، كانوا سعداءَ على غيرِ عادتهم وهو معهم ، أرادوا أن يشكروه ، دمعتْ عيناه ، لم يخبرهم أنَّ النومَ هو ملاذٌه من الدموع .