✍️ الإعلامي خضران الزهراني
مكارم الأخلاق هي المنارة التي تهدي الإنسان إلى جادة الصواب وهي السلم الذي يرفعه إلى معالي الشرف وهي البصمة الباقية التي لا يبهت لونها مهما تغيرت الظروف فالصدق مثلًا هو مفتاح الطمأنينة وراحة الضمير وقد قال الله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ” فالتاجر الصادق يكسب ثقة الناس قبل أموالهم والسياسي الصادق يحصد القلوب قبل المناصب والوفاء قيمة تحفظ للعهود معناها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان” فالوفي يقف إلى جوار صديقه وقت الشدة كما يقف وقت الرخاء والأمانة شرف عظيم وقد أثنى الله على أهلها بقوله “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا” فهي ليست مجرد حفظ المال بل هي حفظ الكلمة والعمل والمسؤولية فالموظف الأمين ينجز عمله بإخلاص والمعلم الأمين يربي الأجيال بصدق ومداراة الناس خُلق يجمع القلوب ويطفئ نيران الخلاف وقد قال صلى الله عليه وسلم “إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق” فمن دارى الناس عاش بينهم محبوبًا مقدرًا ومن جفاهم عاش وحيدًا منبوذًا ورد المعروف شيمة الكرام فقد قال صلى الله عليه وسلم “من صنع إليكم معروفًا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه” فمن صنع إليك جميلًا فرده بأحسن منه أو بكلمة طيبة تحفظ أثره والكرم سيد الأخلاق وقد قال صلى الله عليه وسلم “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه” فالعربي القديم كان يذبح ناقته ليكرم ضيفه رغم قلة ذات اليد وحسن الجوار أساس المجتمعات القوية وقد أوصى به جبريل عليه السلام حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم “ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه” فالجيران سند بعضهم لبعض فإن مرض واحد زاره جاره وإن ضاق حاله واساه جاره وإغاثة الملهوف قمة الإنسانية وقد قال صلى الله عليه وسلم “من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة” فكم من إنسان أنقذ ملهوفًا في طريق فدعا له الناس بظهر الغيب وبقي ذكره عاطرًا في حياتهم وإجارة المستجير خلق العظماء فقد قال الله تعالى “وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ” فالعربي في جاهليته كان إذا استجار به أحد أمنه حتى لو كان عدوه بالأمس والشجاعة والإقدام ليست تهورًا بل هي وقوف ثابت عند الحق ومواجهة الباطل بكل قوة وشهامة والشجاع من يقف في وجه الظلم كما يقف في ميادين القتال وقد قال صلى الله عليه وسلم “أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر”
إن اجتماع هذه القيم في قلب إنسان يجعله قدوة ومثالًا ويصنع منه منارة يهتدي بها غيره فمكارم الأخلاق ليست كلمات تقال بل مواقف تعاش وليست شعارات تعلق بل قيم تحيا بها النفوس وتخلد بها الذكرى فما أجمل أن يعيش الإنسان صادقًا وفيًا أمينًا كريمًا شجاعًا فتكون حياته بصمة خير لا تُمحى بعد رحيله






