الرئيسية مقالات بين داءٍ ودواءٍ… حكاية قلب 

بين داءٍ ودواءٍ… حكاية قلب 

106
0

 

الكاتب – خالد جبلي

راودتها ذات ليلٍ مظلم حين كان البرد يلامس جسدي والرجفة تسكن صدري وأحشائي ، اقتربتُ منها وهمستُ في أذنها اليسرى:

إني أشعر برجفاتٍ تعصف بي فهل لكِ أن تعطيني دوائي؟”

لم تلتفت إليّ بل قالت بصوتٍ خافتٍ مبحوح:

لستُ أنا الطبيبة… فما أصابك اليوم كان بالأمس دائي.

ثم أطرقت رأسها وأردفت:

لقد ذهبتُ لكل الأطباء أبحث عن دواءٍ لآهاتي

علّه يُنهي نوبات بكائي… لكن دون جدوى.

قلتُ بدهشةٍ ممزوجةٍ بالشوق:

مهلًا!

أما كنتِ أنتِ طبيبة أسرتي وجارتنا حين كنتُ في الابتدائي؟”

التفتت نحوي وحدّقت بعينيّ طويلًا ثم ابتسمت وقالت:

أأنت عمار الصغير؟

يا من أتعبتني كثيرًا!

ضحكتُ بخجلٍ وقلت:

وكيف أتعبتُك كثيرًا؟

قالت:

كنتَ داءً لا يُشفى…

كنتُ أزوركم ليلًا ونهارًا لأكتب لك الدواء

حتى أسكنتني أسرتك في وسط داركم

لأكون قريبةً منك ما استطعت.”

ابتسمتُ وقلتُ:

دكتورتي…

ما زلتُ أبحث عن ذاك الدواء

وأيقنتُ أن لا علاج لمرضي المزمن إلا على يديكِ يا رجاء.

ضحكت بخجلٍ وهي تهمس:

لا أستطيع… كبرتُ يا عمار

ولم أعد أقدر على حملك وضمّك إلى صدري

فذلك كان هو الدواء.

اقتربتُ منها بخطى متثقاله ،ورمقت بعينين تملؤهما العاطفة:

دكتورتي رجاء…

حملتِني سنواتٍ وقضيتِ على أوجاعي وأوهامي

فحان الوقت أن أحملك أنتِ وسط صدري

ليزول مرضي إلى الأبد.